للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آمُرْ، وأتيتُ بلفظِ الأمرِ ويصيغتهِ، وما كان استدعائي صادقاً، فالماكرُ بالصيغةِ، خارج عن الآمرِ إلى الماكرِ كخروجهِ بها عَنْ الأمرِ إلى التهديدِ، وصيغةُ الأمرِ في حقِّ الماكرِ، كصيغتِها في حق المستهزىءِ والساخِر.

قالوا: وأما قولُكم: يجبُ أن لا يعلمه آمراً إلا مَن عَلِمَه مُريداً، فهو كذلك من طريقِ الاستدلالِ، فكلُ من علمه آمراً علمَ أنه مُريدٌ، حيثُ كانَ حكماءُ العرب الواضعينَ لهذهِ الصيغةِ، إنما وضعوها ترجُماناً عن دواعي تعرضُ، وَإراداتٍ تحدُثُ، فصاغوا صيغةً تدلُ السامعَ المستدعى منه على إرادتِهم لما استدعوه.

قالوا: وأمَّا هيئاتُ الإنسانِ وأفعالُه التي يُحدثُها، مِن قيامٍ ومشيٍ وحركةٍ، فإنَّما لم تَدل على إرادةِ مَن قامَتْ به تلكَ الصفاتُ، وصدرت عنهُ تلكَ الأفعالُ، لأنها صُورٌ تستقلُ بنفوسِها وبالفاعلِ لها، سواء فَعلَها ساهياً أو ذاهلًا، فهي فعل، فأمَّا صيغةُ الأمرِ فإنها حقيقةُ استدعاءٍ لفعلٍ، من جهةِ منَ استُدعِيتْ منه، ولا يتحققُ استدعاء من غيرِ مُريدٍ لما استدعاه.

فصل

في أجوبةِ الأسئلةِ.

أما فرقهم بين أريدُ، وأريدُ منكَ، لا وجهَ له، لأنه لو كانت الإرادةُ أمراً، لما كان قولهُ: أريدُ خبراً، كما لا يكونُ ما يوازيها ويساويها خبراً، والذي يساويها أمرآ، ويوازنُ: أردتُ وأمرتُ.

ولو قال: أردتُ الماءَ، كان جوابُه من حيث اللغة: صدقتَ أو

<<  <  ج: ص:  >  >>