للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان الفعل أمراً، لما احتاجَ إلى أمرٍ من جهة القول باتباعه، مثل قوله: "صلوا كما رأيتموني"، "خذوا عني مناسككم"، كما لا نقولُ في القولَ.

ولأنه يَحْسُن أن تقول: فعلتُ وما أمرتُ، ولا تقول: أمرتُ وما أمرتُ، ومن خصائص المجازِ صحةُ نفيه [عن] (١) غيرِ المسمى به.

ولأنهُ لما لم يكنِ التركُ نهياً، لم يكنِ الفعلُ أمراً، ألا ترى أن استدعاءَ الفعْلِ بالقولِ لما كان أمراً، لا جَرَمَ كانَ استدعاءُ التركِ بالقول نهياً.

ولأن الفاعلَ قد يفعلُ لا مُستدعَىً من غيره بفعلهِ، لكنه يفعل لمعنىً يخصه، فإذا كانَ الأمرُ من طبعهِ الاقتضاءَ والاستدعاءَ، وليس في طبيعةِ الفعلِ ولا جَوْهَرِهِ ذلكَ، بَطل أنْ يكونَ أمراً سِوى ما كانَ في جوهِره، وليسَ إلا القولُ الذي يستَدعي به الأعلى من الأدنى فعلًا.

ولأنَّه لا يُشتقُّ لفاعلِه منه اسمُ آمرٍ، ولا الفاعلُ مثله مطيع، لكنْ يقال: فَعلَ، ولا يُقال: أمَرَ، ويقالُ: فاعلٌ، ولا يقالُ: آمر، وقد فرقوا بينهما في الجمعِ، فقالوا في جَمعِ أمْرٍ: أوامِر، وفي جَمْع أمر الشأنِ: أمور.


(١) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>