للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والناسي غيرُ مُتَيقظٍ لأمره.

<رأس>فصل في ذكر ما تعفَق به مَن أدخلهم في التكليف من الفُقهاء.

</رأس>

قالوا: كيف تُخرجونهم من التكليف، وقَد أجمعت الأمة من الفقهاء- وهم العُمدة في هذا- على أنَ أفعالَهم وتروكَهم في حكمِ أفعالِ العقلاءِ، وهم ماخوذون بها ومؤاخَذون عليها أخذَ التَكليف؛ من ذلك: إيجابُ قَضاءِ الصلواتِ على السكرانِ والنائمِ، وقَضاءِ الصوم على الذاهلِ عن نِيّته والناسي لها في وقتِها (١) المأخوذِ عليه، علىَ اختِلافهم فيه، ومؤاخذتُهم بغرامات ما يقعُ منهم من الجنايات، وهذا هو حُكم التكليف والدخول تحته، فبمَ ينفصلون عن هذا؟

قيل: قد بَينا أنهم في زوال العقل كالمجانين والأطفال والبهائم، وأنهم أسوأ حالًا، فامتنع التكليف.

وأما وجوب الغَرامة والقَضاء، فذلك وجب بفرض مبتدأ، ولله سُبحانه أن يبتدىءَ خِطابَ العاقلِ ويلزِمَه ما شاء من العبادات، فما يُحقَق التكليف إلا عند عودتهم (٢) إلى إفاقتهم (٢) وعقلهم (٢)، وإيجابُ ذلك في حالِ إفاقتهم (٢) لا يوجب تكليفَهم (٢) حالَ زوالِ عقلهم (٢)، ولو أننا لم نجعل فَواتَ الصلوات وإتلافَ المالِ حالَ السُّكر والإِغماءِ سَبباً لِإيجاب ما وجب حال إفاقتهم (٢)، لكان جائزاً صحيحاً بإجماعِنا،


(١) وهو تبييتها من الليل عند المالكية والشافعية والحنابلة. انظر "المغني" ٤/ ٣٣٣ - ٣٣٥.
(٢) جميع هذه الضمائر وردت في الأصل بالتثنية، والصواب ما أثبتنا، فهي تعود على: النائم، والناسي، والسكران، والمغمى عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>