للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمثالِ ذلك، فكان يجبُ أن تحملوه على أدنى مراتِبهِ من التنزيه، دون الحظر، كما حَمَلْتُم الأمْرَ على أدْنى مراتبهِ، وهو الندبُ.

وأمَّا قولُهم: إنه ليس عندنا [كُلُّ] ضد يجب تركهُ، لكنْ بحَسَب المأمورِ به، فإنْ وجَبَ فِعلُه كان الضد المتروكُ بحسَبهِ واجباً، وإن لم يجبْ فعلُهُ، لم يكن تركُ ضدِّه واجباً، وأما الأمرُ المطلقُ في مسألتنا فلا يقتضي إِيجابَ المأمورِ به، فلا يكون تركُ ضدهِ واجباً، لأنه بحسَبِ المتروكِ من الفعلِ.

فهذا إنما يُبْنَى على فراغنِا من الدلالةِ على أنَه يَقْتَضِى الوجوبَ مع الإِطلاقِ، فإذا سلَّمتم أنه يكون التركُ بحسب المتروكِ، دلتْ دلائِلُنا -الدالةُ على الوجوب- مُوْجِبَةً تحريمَ الفعَلِ، وهو وجوبُ التركِ، وكان الضدُّ بحسبه علىَ ما قامَتْ عليه دلالتُنا.

فصل

يجمع شُبَهَ أهلِ الوقف

فمما تعلقوا به: أنَ هذه الصيغةَ تَرِدُ للإِيجاب، والندب، والتهديدِ، والتعجيزِ، والِإباحةِ، بدليل قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: ٤٣]، للإِيجاب، وقوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} [النور: ٣٢] للندب، وقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] للتهديد، {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [يونس: ٣٨] للتعجيز، {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢]، للإِباحة. فصار حكمُها ومقتضاها الاشتراكَ، فأوجَبَ عند الإطلاقِ التوقفَ إِلى حينِ تقومُ دلالة تَصْرِفُها إِلى أحدِ هذه المحتملاتِ، كسائرِ المشتركات من لون وعين وقُرْء وجَون.

<<  <  ج: ص:  >  >>