للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المساجد والصلوات، مثل قول القائل: لاتَدخل الصلاةَ ذاهلًا ولا ساهياً. بمعنى: تَيقَظ وادخُلْ، ولا تَدخل الصلاةَ عَطشاناً. أي: اشرب وادخُل. كذلك ها هنا، المراد به: لا تَشرب شُرباً يؤدي بك إلى التَخليط وتَدخل الصلاة. فكأنه قال: لا تشربوا شُرباً يؤدي بكم إلى التَّخليط. وهذا كان في أوقات الشُرب قبل النَسخ.

وقد قيل: لا تَقربوا الصلاةَ وأنتُم سُكارى من النوم والاستثْقال (١)، حتى تَستيقظوا استيقاظاً يَزول معه ثِقَل النوم، ويكمُلُ مَعه تَمييزكُم لما تَقولون، ونَشاطكم فيما تَعملون.

ويحتمل أنه قال للصُحاة: لا تَقربوا الصلاةَ وقد شَرِبتم شُرباً، عساكم تجوزون تَخليطَ الأقوال في صَلاتكم (٢).

وقد قيل: إن رَجلاً تَقدم في الوَقت الذي كانت مُباحة، فَخلَّط في سورةِ الكافرين، وأقام الفاتِحة وأعمال الركعة، فَنزلت (٣). ومن أقامَ أكثرَ أقوالِ الصلاةِ وأفعالِها لا يكونُ خارجاً عن حَيِّز التكليف (٤).

فصل

واعلم أن المُكره داخلٌ تحت التَكليف، على أنَ فيه اختلافاً بينَ الناس؛ وذلك أنَّ المكره لا يَكون مُكرهاً إلا على كَسبه وما هو قادرٌ


(١) "تفسير الطبري" ٥/ ٩٦.
(٢) فصَّل الطوفي هذه المسالة في "شرح مختصر الروضة" ١/ ١٩٠ - ١٩٣.
(٣) أورده الطبري في "تفسيره" ٥/ ٩٥، وذكر أن الرجل هو علي بن أبي طالب أو عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما.
(٤) في الأصل: "التكلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>