للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤكدةِ للأمرِ تؤكدُ ما يقتضيه من الإيجاب، وتزيلُ الاحتمالَ، مثلَ أن يقرنَهُ بالوعيدِ على التركِ وذِكر الايجابِ والحَتمِ، فأمَّا القرائنُ المخرجةُ للصيغةِ عن موضوعها، فإنها لا تكونُ إلا مخالفةً لمقتضاها لتُخرجها عن موضوعِها في الأصلِ.

وأمَّا قولُهم: إنَّ صيغةَ الأمرِ قد وَرَدَت بعد الحظرِ، وأرِيدَ بها الإيجابُ، وهو قولُه: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] فإنما وجَبَ القتلُ بدلالةٍ وقرينةٍ، وهي قولُه: {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: ٥] إلى قوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ}، إلى قوله: {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣)} [التوبة: ١٣]، وهذا نوعُ وعيدٍ وحث وتذكيرٍ بأفعالٍ تقتضي إيجابَ إعزازِ الدين بقتالِهم وقتلهم.

وأما المخصوصاتُ من العموم وإن كثرتْ فإنَها ليست استعمالًا بمقتضى الصيغةِ، بل مقتضاها العموَمُ، وإنْ جاءًا لخصوصُ لم يَخرجْ عن أنَّ القصدَ التكثيرُ، فإنَّ الإِنسان لا يقولُ: جاءني سائرُ تميم، وكل ثقيف، إلا ويريدُ به التكثيرَ، فأمَّا الأمرُ بعد الحظرِ فإنه لا يجيءُ إلا وُيراد به الإِطلاقُ بعد التقييدِ، والإِباحةُ بعد المنع.

وأما إنكارهم أنَ الأصلَ الإِباحةُ، فهي طريقة خصصنا بها من سلمها دون من يمانعها.

وأمَّا قولُهم: إنَّ الأصلَ إباحةُ الاصطيادِ والبيوعِ، فحُرِّمَ لعارضٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>