للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولِه: صُمْ الاثنين، واهجرْ الطيبَ يومَ السبتِ، يكون كالأمرِ سواءً، فإن الأمرَ المعلقَ بشرطٍ يتكررُ بتكررِه وتكررِ الوقتِ، وإنْ كانَ متعلقاً على زمان باسمٍ لا يتكررُ، مثلَ قوله: اهجرِ الأكلَ والطيبَ اليومَ. تخصَّصَ به.

وأمّا قولُهم: إنَّ قوله: صلِّ، لا يقتضي إلا صلاة واحدة. فكلام لا يصحُّ، ومنعٌ لا وجهَ له، لأنَ قوله: صُمْ وقُمْ، إذا تركه بعد أن فَعَلَه، حَسُنَ أنْ يُطالَبَ بطريقِ التركِ والقَطْعِ من أين استفاده؟

فكذلك الصلاةُ إذا تركها بعد أنْ فعلها من أين استفادَ التركَ؟

وقولهم: يحسُنُ أن يقول: صليتُ، فيقابله أنه يحسُنُ إذا كرَّر أو استدامَ وأطال أن يقول: صليت، بحكمِ الأمرِ، ويجيبُ من سأله: لِمَ صليتَ؟ بأنَني امتثلتُ الأمرَ.

وأمّا قولهم: أنه يَحْسُنُ أن يقولَ: صلَّيتُ الصلاةَ المأمور بها، وامتثلتُ الأمرَ، فلا يُسلم، وإن قال: صليتُ، ولم يقل: الصلاة التي أمرتني، أو امتثلتُ الأمرَ، فلعمري إنه خبرٌ صحيحٌ، ولكنه يلزم عليه إذا كان الأمرُ مقيداً باعتبارِ التكرارِ واشتراطِ الدوام، فإنَّه يحسُنُ أن يُخبرَ فيقولُ عَقِبَ صلاةٍ واحدةٍ: صليتُ، ولا يدل ذلك على أنه جملةُ المأمورِ به، ولا أنَّه قامَ بمقتضاه.

وأما قولُهم في الأمرِبالحفظ: إنه يقتضي الدوام بقرينةٍ، وهو أنه لا يريدُ أحد تضييعَ مالِه في حال من الأحوالِ، ولا يؤثرُ حفظهُ في حالٍ دونَ حالٍ، وفي مسألتِنا لا قرينةَ تشهدُ بدوامِ الفعلِ إيجاباً بمجردِ الأمرِ. فكلامٌ لا يلزمُ، لأنَّه كما لا يأتي حالٌ يريدُ فيها ضياعَ ماله، لا

<<  <  ج: ص:  >  >>