للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

في الجواب عن متعلقاتِ الواقفيةِ

وهو أنَ حُسنَ الاستفهام غيرُ مقصورٍ على المتردِّدِ بين حقيقتين، كما أنَ التأكيد لم يدل على نَفي الوضعِ، وهو قولُ القائلِ: دخل زيدٌ الدارَ نفسُه، وأكلتُ رطلًا من الطعامِ وازناً، ورأيتُ الأمير بعينِه.

ولذلكَ لم يقف تحسين الاستفصالِ والاستفسارِ على المشتركاتِ من الألفاظِ كجون (١)، ولون (٢)، وقُرْء (٣)، وشفق (٤)، بل حسُنَ الاستفهامُ عن ألفاظٍ يَنصرفُ إطلاقُها إلى حقائقَ هي موضوعةٌ لها، لمكانِ التجوُّزِ فيها، ودخولِ الاستعارةِ عليها حُكماً؛ فإنَّ العَرَب اسْتَحْسَنَت قولَ القائلِ لمن قال: اصبغ ثوبي لوناً، وائتني عند غيبوبة الشفق: أي لونٍ أصبغ الثوب؟، وعند غيبوبة أي الشفقين (٥)؟ واستحسنت استفهامَ قول القائل: دخلَ السلطانُ البلدَ، وجاءَ الغيث، وماتَ زيدٌ، هل دخل بنفسه، أم


(١) يطلق الجون على اللون الأحمر، والأبيض، والأسود، كما يطلق على النهار، فهو من الألفاظ المشتركة المترددة بين أكثر من معنى، ولا يحمل على أحد هذه المعاني إلا بقرينة.
انظر "لسان العرب"، و"القاموس المحيط": (جون).
(٢) لون كل شيء هو ما فصل بينه وبين غيره، كالسواد، والبياض، والخضرة، والحمرة، انظر "لسان العرب" مادة "لون".
(٣) يستعملُ القرء بمعنى الحيض والطهر، فهو متردد بين هذين المعنيين.
(٤) يطلق الشفق على الحمرة في الأفق من الغروب إلى العشاء، وعلى النهار، والخوف، والرديء من الأشياء "القاموس المحيط": (شفق).
(٥) أي الشفق الأحمر أو الأبيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>