للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وقولكم: يقتضي النهيَ عن ضده، فاقتضِى الدوامَ من حيثُ

إنه نهى، باطل بقوله: افعلْ أيَّ وقت (١) شئت، فإنَه يجوز له التاخيرُ،

وإن أدَّى إلى ما ذكره.

ولأنَّه لو كان من حيث اقتضى النهيَ، لكانَ على الدوام، حيث كان النهيُ على الدوامِ، فلمَّا لم يكُ على الدوام، بطلَ أنَ يكونَ العملُ به بحكمِ النهي المطلقِ، لكن إن علَّق عليهَ التحريم بحكمِ النهي، فإنه يقتضي تحريماً بحكم نهى يفوتُ به الفعلُ، وذلكَ لا يقتضي المسارعةَ، لكن يقتضي أن لا يفوتَ به الفعلُ. ومع الايجابِ المجرَّدِ وإن كانَ على التراخي لا يفوتُ به الفعلُ.

قالوا: وأمَّا أخذكم إيجابَ الفورِ من العزم والاعتقادِ، فلا يصحُّ، لأنهما يجبان على الفورِ مع كونِ الفعلِ مؤخراً بصريحِ النطقِ، وهذا يدلّ على أنَ الفورَ فيهما ليس بمأخوذٍ من جهةِ اللفظ، وإنَّما استفيدَ من جهةِ أنَّ التكليفَ لا ينفكُّ عن اعتقادٍ وعزمٍ، إذ لو كانَ منفكاً منهما، لكان جاحداً أو مهملاً.

قالوا: وأمَّا قولُكم: ليسَ في الأمرِ تخيير ولا تأخير، فمن أينَ جاءَ القولُ بالتراخي؟ فإنَّه باطل بقوله: اذبحْ أو اقتلْ، فإنه لا يتعين عليه عين من أعيانِ المقتولينَ، ولا حيوانٌ من حيواناتِ الذبحِ، ويكون مخَّيراً بين الأعيانِ لعدمِ التعيينِ، كذلكَ الإطلاقُ في الأزمانِ، لا يقتضي تعيينَ وقتٍ.

قالوا: وينقلبُ عليكم، فيقالُ: ليسَ في اللفظِ تعيين بالوقتِ


(١) في الأصل: "قرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>