للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨]، مقيّد، وكلامنا في المطلقِ، فإنه مقيَّد يوجب المسابقةَ والمسارعةَ في كل أمرٍ يرِدُ مطلقاً، كما إذا قال السيدُ لعبيدِه: سابقوا إلى طاعتي إذا أمرُتكم، صارتْ هذه تقدمةً توجبُ المسارعةَ إلى كلِّ أمرٍ يردُ منه في الثاني مطلقاً.

وأمَّا قولهم: النهى يقتضي التركَ على الدوام، فكذلك الأمرُ عندنا، على أنه إنما اقتضى التركَ في كل حال، لأنهَ استدعاء مطلق للتركِ، وهذا موجودٌ في الأمر.

وأمَّا قولُهم: إنَّه يبطل التعلق باقتضاءِ النهى عن الضدّ، بما إذا قال له: افعل أي وقتٍ شئت، فذاكَ لا يقتضي إلا النهيَ عن التركِ في الوقتِ الذي يشاءُ الفعلَ، وأمَّا قولُكم: كان يجبُ أن يقتضيَ الدوامَ، فكذا نقول.

وأمَّا قولهم: إنَّ العزمَ والاعتقادَ يجبُ على الفورِ وإن كان الفعل مُتراخياً، لأنه متى لم يقدم العزمَ والاعتقادَ كان مهملًا. فلا يلزمُ، لأن الاعتقادَ والعزمَ تابعان للفعل، إذ لأجلهِ وجبا، وإنَّما فتعجّلا مع تقييدِ الفعلِ، لأن الأمرَ بهما مطلق فتعجّلا واختص الفعلُ دونهما بالتقييد، ولو قيّدهما الشرعُ لتقيّدا.

وأمَّا قولهم: إنَ تركهما إهمالٌ، فَتَرْكُ الفعلِ مع حصولِ الاعتقادِ والعزمِ تسويفٌ وتمادٍ.

ولأنَّه يبطلُ بما لو قيَد الاعتقادَ والعزمَ، فقال: حُجَّ في سنةِ كذا


= والنسائي ١/ ٢٣٠ - ٢٣١، والبغوي (٣٤٢)، والبيهقي ١/ ٣٦١، وابن حبان (١٧٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>