للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكذلكَ الفعلُ، ينبغي أن يقتضي إيقاعه (١) على الفورِ.

فاعترضَ على هذا بعضُ من لا يرى الفور، فقال: ليس حصولُ الوجوب مؤذِناً بإيجاب الفعلِ حالَ حُصول لفظِ الأمرِ به وحينَ سماعِ لفظه، لأنه مُحالٌ، وَإنما يجبُ في الثاني فإذا انفصلَ أحدُهما عن الآخر، أعني الفعلَ من لفظِ الأمر في حال، جازَ في حالين وثلاث وأكثر.

وأمَّا قولُكم: إن الأمرَ اقتضى تعجيلَ فعلِ الاعتقادِ الذي هو أحدُ موجبيِه، فإنه غَلَطٌ من عدةِ وجوه:

أحدها: أنَنا لم نقل: إن الاعتقادَ وجَبَ تقديمُ فعلهِ لأجل حصول الأمرِ به فقط، ولكنْ لدليل أوجَب ذلك، فإن وُجِدَ في تقديمِ الفعلِ وما يقوم مقامه، وإلا بطلَ الجمعُ بينهما.

والوجة الثاني: هو أنه لو كانَ الأمرُ المقتضي لفعل الاعتقادِ وإيقاعِ الفعلِ، موجباً لتقديمِ فعلِ الأمرين -لِإيجابِه تقديمَ أحَدِهما- لوجَبَ لا محالةَ إيجابُ تقديمِ الفعلِ المؤقت بما يقتضي تأخيرَه لإِيجابِ الأمرِ به تقديمَ اعتقادِ وجوبهِ، فلما اتفقَ على أنه لو قال له: قد أوجبتُ عليك إيقاعَ الصلاةِ في رأسِ الشهر أو الحَوْلِ. لم يَجُز له تقديمُ فعلها عقيبَ الأمرِ. وإن لزِمَه تقديمُ فعل اعتقادِ وجوبها سقطَ ما قلتموه هذا.

على أنَه إذا وجبَ عندهم إيقاعُ الفعلِ عقيبَ الأمرِ، امتنعَ وجودُ


(١) أي الأمر يقتضي إيقاعَ الفعل على الفور.

<<  <  ج: ص:  >  >>