للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قيل: إنَ الِإثم انتفى بالتاخيرِ، لأنَّ في إيجاب التقديمِ نوعَ مشقّة، لأنَّ الوقتَ يدخلُ وأكثرُ الناسِ على أشغالٍ تركُهَا يُفسد الأموالَ ويخاطرُ فيه بالأنفس، وجوازُ التركِ للعذرِ لا يدُلُّ على نفي الوجوب في حق المُعْسِر والدّين المؤجل.

وأما أعيانُ التخييرِ والأشخاصِ في فروضِ الكفايات، فإنَّ الحجّةَ فيها ظاهرة لنا، وهو أنَه لم يتخصصِ الوجوبُ بواحدٍ منها، فليكن هاهنا مثلُه في عدمِ التخصيصِ، وإنّما لم يعم، كما لم يتعين، لأنَّ التعميمَ يزيلُ معنى توسعةِ التخييرِ في التكفيرِ، وتوسعةِ قيام بعضِ الأشخاصِ مقامَ بعضٍ في الكفايةِ بالبعض.

فقلنا: إنَّ الفرض يتعلق بواحدٍ على طريق البدلِ لا بعينهِ، ويكفي فعلُ شخصٍ، أيَ المكلفين كان ممن هوَ أهل للفرض.

وهاهنا إذا علقنا الوجوبَ على جميعِ الأوقاتِ، لم تزل الرخصةُ، لأنَّ الوقتَ الأولَ والثاني والثالثَ ظروف لفعلٍ واحدٍ فى أيِّها فعل أجزأه.

ولا يخلو من فائدةٍ ظاهرةٍ، وهي تعلقُ المأثمِ بالتركِ في الكُلّ، وحصولُ الثواب في الجميعِ؛ الأولُ إن فعل فيه، فسقوطُ الفرضِ والثواب، وفضل التقديمِ، والأخيرُ إن فعلَ فيه، فسقوطُ الفرضِ، وحصولُ الثواب بها، والإِثابةُ بفعلِ العزم عليها من الوقتِ الأولِ إلى حين فعلِها فيَ الوقتِ الآخرِ المتّسعِ لهاَ.

وأعطينا تناولَ النص لمجيعها حقَّه من التعميمِ، والاستغراقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>