للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

يجمعُ الأدلّةَ على أنَه لا يجبُ إلا بأمرٍ ثانٍ، سواءٌ كان تركهُ لعذرٍ مانعٍ أو لغير عذرٍ.

فمن ذلك: أنَ الله سبحانَه إذا علق العبادةَ بوقتٍ، فلا تخلو من مصلحةٍ تختص الوقتَ، وخصيصةٍ تعودُ بالنفعِ العاجلِ والأجلِ، أو لمشيئةٍ وإرادةٍ علقها بذلكَ الوقتِ، ونحنُ لا نعلم أنَ غيرَ ذلكَ الوقتِ كالوقتِ في حصولِ المصلحةِ في فعلهِ ونفي المفسدةِ، ولا الإِرادة والمشيئة، فيصيرُ ما بعد الوقتِ في نفي المصلحةِ وتجويزِ المفسدةِ كما قبلَه من الأوقاتِ، ويصيرُ مثالُ ما إذا قيد حكيمُ الطبِّ شربَ الدواءِ بوقتٍ ففاتَ لا نعلمُ أنَ شربَهُ بعَد خروجِ الوقت سادٌّ مسدَّ شربهِ في الوقت في جلبِ (١) مصلحةٍ ولا نفي مفسدة.

وكذلك إذا عُلَق الأمرُ بشرطٍ مثل استقبالِ قبلةٍ، أو طهارةٍ، أو ستارةٍ، ففاتَ الشرطُ وتعذّرَ، لم يجز أن يُقدِمَ على الفعلِ بعد تعذرِ شرطهِ.

وكذلك إذا خُصَّ الفعلُ والعبادةُ بمكان، فتعذرَ المكانُ، لم يقم


= أن الأمر المؤقت بوقت، لا يسقط بفوات وقته ويجب الفعل بالأمر الأول، فقال: "وقد أومأ إليه أحمد رحمه الله في الرجل ينسى الصلاة في الحضر، فيذكرها في السفر: "يصليها أربعاً، تلك وجبت عليه أربعاً" قال أبو يعلى: فأوجبَ القضاء بالأمر الأول، الذي به وجبت عليه في الحضر؛ لأنه قال: تلك وجبت عليه أربعاً، معناه حين المخاطبة. اهـ.
(١) في الأصل: "باب".

<<  <  ج: ص:  >  >>