للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرهُ مقامَه لتعذُرِه.

وعلّةُ ذلكَ كُله أنا لا نجوّزأن نُقدمَ على إقامةِ وقتٍ مقامَ الوقتِ الذي نص عليه الشرعُ، لأنَّا لا نأمنُ مواقعةَ المفسدةِ في ديننا ودنيانا.

وما صارَ إبدالُ وقتٍ بوقتٍ مع عدمِ العلمِ بمساواةِ الوقتِ الثاني للوقتِ الأول، إلا كمن أقامَ فعلا في زيدٍ مقامَ فِعْلٍ في عمروٍ، والوقوفَ بمزدلفة بدلًا من الوقوفِ بعرفة، وصومَ غيرِ رمضانَ بدلًا من صومِ رمضان.

ومن ذلك: أنَ الإِيجابَ يتعلَقُ بأعيانٍ وأزمانٍ، ثم إنَ الفرضَ لو تعلَقَ بعينٍ عتقاً في رقبةٍ، أو زكاة وتضحيةً في شاةٍ أو بقرةٍ، لسقطَ الخطابُ بفواتِ العين، ولم يتبدّل بعينٍ أخرى إلا بدلالةٍ، كذلكَ إذا عُينت العبادةُ بالزمانِ ولا فَرْق.

والجامع بينهما: المصلحةُ المتحققةُ، أو المشيئةُ عند من لم يعتبر الأصلحَ، وكلاهما لا يمكنُ تعديتهُ إلا بدلالةٍ تقومُ مقامَ الدلالةِ الأولى في التعيين.

ومن ذلك: أنَ الأصلَ قبلَ الِإيجاب عدمُ إيجاب الفعلِ في الزمان، وأما إذا فاتَ الزّمانُ المعيّن عُدنا إلى الأصلِ، فلَا نعلمُ تعلّقَ الوجوبِ بوقتٍ ثانٍ إلا بدليل.

ومن ذلك: أن الأمرَ استدعاءُ الفعلِ، والنهيَ استدعاءُ التركِ، ثمَّ إنّه لو عين وقتاً بنهي، ثمَّ فاتَ ذلكَ الوقتُ الذي عُيِّنَ التركُ فيه، فإنه لا يقوم مقامهَ وقت للترك، كذلكَ الأمر ولا فرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>