للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الدّينُ المؤجلُ، فإنَّه يستحق ويستقر بانقضاءِ الأجلِ، فكيفَ يقالُ: إنّه يسقطُ، وهذا وقتُ فعلهِ بهذا الوقتِ، فبينهما تباعدٌ وفرقٌ، وذلكَ لأنَّ الأجلَ وُضع في الذنوبِ رِفقاً لتأخّرِ المطالبةِ، فإذا زالَ الأجلُ وانقضى، حَلّت المطالبةُ، فلا وجهَ لإِسقاطِ الدَّين، وهنا نِيْطت العبادةُ بالزمانِ المخصوص، كما تناطُ بالمكانِ، ثمَّ إنَّ تعليقها بالمكانِ قد يكونُ لمصلحةٍ تختصُّ البقعةَ، ولربما كانت في غيرها مفسدةً، كذلكَ الزمانُ والوقتُ، ولا فرق.

وأمَّا قولُهم: إنَّ الأمرَ يقتضي إيجاب الفعل وفي إسقاطِ القضاءِ إسقاطٌ لما أوجَبه الأمرُ. لا يصحُّ، لأنَّ الأمر اقتضى إيجابَ الفعل في وقتٍ مخصوصٌ لا في جميع الأوقاتِ، ولأنَّه يبطُلُ به إذا علقه على شرطٍ، فإنَه لا يجبُ فعلهُ مع عدم الشرطِ، وإن كان مقتضى الأمرِ الإِيجابَ فلم ينظر إلى الإِيجاب المَشروطِ مجرداً عن الشرط، كذلكَ لا يُنظرُ إلى الأمرِ المؤقّت مجرّدَاً عن الوقت.

وأما قولُهم: لو سقطَ لسقطَ مأثمُ التركِ. غيرُ لازمٍ، لأنَ الإِيجابَ تعلق بالوقتِ، والمأثمَ تعلّقٌ بتحقيقِ التركِ في الوقت، فشرطُ المأثم تحققَ فيحصل، وشرطُ الإيجاب فاتَ فيسقطُ، فهما ضدّان في الحقيقةِ.

وأما استصحابُ الحال، فلا يصحُّ، لأنَّ الأصلَ أنْ لا واجبَ ولا شاغلَ للذّمةِ، فلما جاءَ الأمرُ موقتاً بشرطٍ فمن ادّعاه مع عدم شرط فعليه الدليلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>