للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في ذكرِ ما تعلَق به من قال بالِإيجاب مع قيام الأعذار

من ذلك قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤]، وتقديره بإجماعنا: فافطر، ولو لم يكن الوجوبُ حاصلاً لما كان الِإفطارُ موجباً أو شرطاً، لأنَّ الِإفطارَ في زمانٍ لم يتعلق عليه الإِيجابُ، لا يعتبر لإِيجاب الصومِ في زمان خوطب بالصوم فيه ابتداءً. ألا ترى أنَّ الجنونَ لَما كان يمنعُ الخطابَ لم يُعلَق علَى ما تفوت به الأفعالُ والعباداتُ الِإيجاب في مستقبل الحال.

ثم قوله: {فَعِدًةٌ} تقديره: فليَصُمْ بعدةِ الأيام التي أفطر، وموازنةُ عدّة أيام الصيام بعدةِ أيام الإِفطار دلالةٌ أيضاً منَ الآية ومفهومها على أنَه يستندَ إلى الخَطاب في تلك الأيامِ.

وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، دلالة على أن اليُسر هو تأخيرُ الأداءِ لأجلِ المرض، ولو كان ابتداءً إيجابٌ، لما ظهرَ اليسرُ في ابتداءِ الإِيجابِ، لأنه نوعُ تكلّفٍ مبتدأ.

ومن ذلك: أنَه لو كانَ الوجوبُ لا يتعلَّقُ بأوقات الأعذارِ، لما وَجَبَ عليه الصومُ إلا إذا عادَ وقتُ مثلهِ من الصيام، كالصَّلاةِ لما لم تخاطب بها الحائضُ، لم تجبْ إلا بعودِ مثلِ وقتهِا.

ومن ذلك: أنَّ ما يأتي به يسمى قضاءً، وهذا يَدُلّ على أنه بَدَلٌ عن الفعلِ في الوقتِ الأول، ويتقدرُ بمقداره ركعات في الصلاة، وأياماً في الصيام، وينوي قضاءً عن صوم رمضان والصلاة المعينةِ التي فاتت باسمِها الخاصّ، وهذا كُله دلالَة على بدلٍ عمّا فاتَ من

<<  <  ج: ص:  >  >>