للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

يجمع الأجوبةَ عن شبههم

أمّا خطابُ الواحدِ ومواجهتُه بالأمرِ من طريقِ اللغةِ، فإنه يختصّ المخاطَب، ولا يقتضي بموجَب اللغةِ تعديتَه الأمرَ إلى غيره، إذ ليسَ في لفظِ الواحِد وخطابهِ ما يصَلحُ لغيرِه، لكنّ خطابَ الشرع تمهد تمهُداً صارَ وِزانُهُ من اللغة ما تمهد فيه العرفُ؛ وهو أنَه جعل مَن أوّل الوحي إليه مناراً ومتبعاً وقدوةً للأمة، فإذا قيل له: افعل كذا، دخلوا تبعاً، وصار في باب اللغةِ كالأمرِ بالركوب والمسيرِ ولقاءِ العدوّ لمن عُقِدَت له الأمارةُ، وجُعل له منصبُ الاقتداءَ به، فإنه اذا قيل له: اركب الى بني فلان، وحارب العدوَّ، وشن الغارةَ على بلاد كذا، كان ذلكَ منصرفاً إليه وإلى جيشه وأتباعه، وكذلكَ في الخبر عنه اذا قيل: ركبَ الأمير، ودخلَ بلدَ كذا، أو فتحَ ثغر كذا أو حصن كَذا. فإن ذلكَ كُله ينصرفُ إلى الأميرِ وجيشهِ وأتباعهِ دون اتحاده وتخصصه بما أُمِرَ به، أو أخبَر عنه.

فأمَّا قولُهم: إن المصالحَ والمفاسدَ قد تكونُ بحسب اختلاف الأشخاص. فذلك ليس بمعتبر، فإنَّ التكليفَ لا يقفُ على الأصلح، ولأنَّ استواءَ الكل فَي التكليف كافٍ في ذلك. وإن جاز أن يختلفوا في الأصلحِ، كاستواءِ الأصلِ والفرع في باب القياسِ لاجتماعهما في أمارةِ الحكم، وليس ما نصبه من الَدلائِل والآياتِ على كونهِ متبوعاً ومناراً للأحكام بأدونَ من أمارةِ شَبهٍ، أو لأدلةٍ تجمعُ بين المسكوتِ عنه، وهو الفرعُ، والمنطوق به، وهو الأصلُ في باب القياس، وإن جاز

<<  <  ج: ص:  >  >>