للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَهم إن كانوا فرقاً من الكفارِ، فقد أخبرَ أنَّ الكفارَ متواعدونَ على ترك هذه الأمورِ التي هي من الفروع، وإن كانوا فِرقاً بعضُهم من أهلِ الإيمان، فلا يمكن، لأن الله سَبحانه قال: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} [المدثر: ٤٨ - ٤٩] وهذا راجعٌ إلى جميع المذكورين.

فصلٌ

في أدلتنا من طريق النظر

فمنها أنهم مخاطبونَ بمعرفةِ الله وتصديق رُسُله صلوات الله عليهم، وأتهم مَأْثومون على تكذيب الرُسُلِ وجحدِ نبوتهم وقتلهم وقتالهم، وأنهم معذبون على الكفر بالله، وهذا مما أجمعت عليه الأمةُ، فلا خلافَ فيه، وإن كانَ التصديقُ بالرُسلِ لا يصحُّ إلا بعد تقدم معرفةِ الله، ومعرفةِ انفرادِه بالقدرةِ على ما أيدهم به من المعجَزاتِ، وأنَه على صفةٍ هو عليها لا يجوزُ عليه تأييدُ كذاب عليه بالمعجزِ، ومتى لم يتقدم هذا لم يصح تصديقُهم بالرسُلِ عليهم السلام، فقد صارَ خطابُهم بتصديقِ الرسُلِ مشروطاً بتقدم معرفةِ الله، ومعرفةُ الله سبحانه بنا ذكرناه من العرفانِ لا تصح إلا بشريطَةٍ هي تقدُمُ النظر الصحيحِ والاستدلالِ المؤديين إلى معرفته، ولم تمنع عدمَ صحة التصديق بالرسُل إلا بتقدُّمِ الشروطِ المذكورةِ من القولِ بخطابِهم بالتصديقِ لهم، كذلك عدمُ صحةِ العباداتِ منهم إلا بشريطةٍ تتقدم، وهرب الإيمانُ لا يمنعُ صحةُ الخطاب بها، وهذا دليل لمذهبنا، وفي قوته، صلاحهُ لإفسادِ كل شبهةٍ يتعلقوَن بها في هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>