للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُعرفُ، وجبت المعرفةُ ليُطاع، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بنيَ الإسلامُ على خمس" (١)، وساقَ العبادات وقال:" أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة" (٢)، وساقَ العباداتِ الخمسَ.

وقد أجمعنا على أنَ معرفةَ الله سبحانه التي لا يتعقبها طاعة في سائرِ ما أَمرَ به، منحبطة الثواب، وعباداتُه التي لا تتقدمها المعرفة منحبطةٌ، كما أنَّ الطهارةَ لغير صلاةٍ غيرُ نافعة، والمعرفة لغيرِ طاعةٍ وعبادةٍ غيرُ نافعة، بل من لا يعرف ولم تحصل له المعرفة غير مؤاخذ بتركِ المعرفةِ إلا لإهمالِه شرطَها، وهو النظرُ والاستدلالُ القادرُ عليهما، فكذلكَ التاركُ للعباداتِ مؤاخذٌ بتركِ تقديمِ مالا تتحصّلُ العبادةُ إلا به، وهو الإيمانُ.

وأمّا قولهم في النهي: إنّه يصحُ منه تركهُ. فإن أرادوا به صورة، فالطاعاتُ كلها تصحُ منه صورة، وإن أرادوا به، يصحُ التركُ على وجهِ مكابدةِ النفسِ لأجلِ الاحترامِ للناهي عنه، فذلك أمرٌ حُكمي يقفُ حصولُه على تقدم الِإيمان والتصديقِ، وإلا فالتركُ للمعاصي مع الكفرِ كتركِ المتطبب لشربِ الخمرِ لمضرةٍ عَلِمها فيه تعودُ إلى مزاجه وكتركِ المتصاون عادة لفعلِ الزنا خوفاً من المعرةِ في قبيلته وحزبِه، والتارك للظلم لرِقّةِ طبعه ورِقةِ قلبِه وما يلحقه من الألم بالاستطالةِ على


(١) تقدم تخريجه ٢/ ٤٣٠.
(٢) تقدم تخريجه ١/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>