للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك: أنَ الكافرَ جاحد بالأصلِ الذي يُبتنى عليه فعلُ العباداتِ، فيكف يخاطَبُ بالفرع من يجحدُ الأصلَ؟ وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا، حيث كتب إلى كسرى وقيصر (١): {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [آل عمران: ٦٤]، ولم يذكر فروعَ الإيمان، اعتماداً على حصولِ الاستجابة، فإذا حصلت خاطبَ، وتأخيراً للخطاب المبني على غيره فيما يتقدم وهو التصديق. وكذلكَ لما أنفذ معاذاً إلىَ اليمن، قال له: "ادعهم إلى شهادةِ أن لا إله إلا الله، فإنْ أجابوك فأعلمهم أنّ لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين" (٢)، وإذا كان ترتيبُ الخطابِ هكذا لم يجز تقديمُ الخطابِ على شرطه.

فصلٌ

يجمعُ الأجوبةَ عن شبههم

فأما قولُهم: إنها لا تصحُ منهم. فلا يُسَلَّمُ على الإطلاقِ، بل


(١) كتابةُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر، رردت في عدةِ أحاديث، منها: حديث أنس بن مالك: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتبَ إلى قيصر وكسرى وأكيدر دُومة يدعوهم إلى الله تعالى". أخرجه: مسلم (٢٠٩٢) (٥٨) و (١٧٧٤) والترمذي (٢٧١٦)، والبيهقي ٩/ ١٠٧، وابن حبان (٦٥٥٣).
كَما وردَ من حديث ابن عباس، كتابُه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل: أخرجه: أحمد ١/ ٢٦٣، والمخاري (٧) و (٥١) و (٢٦٨١) و (٢٩٤١) و (٢٩٧٨) و (٣١٧٤) و (٤٥٥١) و (٥٩٨٠)، ومسلم (١٧٧٣) والترمذي (٢٧١٧)، وابن حبان (٦٥٥٥).
(٢) لم نجده بهذا اللفظ، وانظر "نصب الراية" ٢/ ٣٩٨ و ٣/ ٣٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>