للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمخاطَبين المعاصِرين له - صلى الله عليه وسلم -، ولم تُنقلْ تلكَ الدلائلُ والقرائنُ. وأما أمرُ العاجز فإنه ممن يصحُّ خِطابُه ويصرفُ الأمرُ إليه؛ لكونه عاقلاً يَفهمُ الخطاب، نعمْ ولا يخلو بفهمِه وعقلِه من فائدةٍ يَحسُن معها الخطابُ، وهي تلقي الأمرِ باعتقادِ وجوبه، والعزمِ على امتثاله، فهذان سببان للثواب، ويحصلُ ما يَحْسُن لأجله من الآمِرِ (١) الخطابُ، فأمَّا المعدومُ، فلا فائدةَ في خطابهِ، والأمرُ إذا خلا من فائدةٍ عُدَّ هَذياناً ووَسوسةً، فإنه من باب المتضايفات، يقال: آمر ومأمور، وضاربٌ ومَضروبٌ، ونداءٌ ومُنادى، ومحَبوبٌ ومُحبٌّ، فأمَّا آمر ولا مأمورَ له، فلا يعقل.

ومنها: أن قالوا: الوصيَّةُ إعدادُ قولٍ وأمنٍ لخائفٍ من الفَوْتِ بالموت، ولولا ذاك لما حَسُنت الوصيَّة لما ذكرنا، وأنها خطابُ غيرِ مخاطَب، ولهذا حُسنَ تعليقها على الوقتِ الذي يُخرجُ الآمرَ عن صفة الآمرين، وهو الموتُ والعَدَم، واللهُ سبحانه لا يخشى الفوْتَ، ولا يحتاجُ إلى الإعدادِ، فيصير تقديمُ أمرٍ على وجود المأمورين لغواً، واللهُ سبحانه لا يجوزُ عليه ذلك.

ومنها: قولُهم: إنه أمر بشرطِ الوجودِ، فينبغي أن توقفوا تسمية الأمر أمراً على شرطه وهو المأمور من باب المتضايفات (٢ ................................ ......................................................................) إليها الاسم إلا بعد وجودِ شرطيها، لاسيِّما المتضايفات، والأمرُ كما لا بُدَّ له من آمرٍ لا بُدّ له من مَأمور.


(١) في الأصل "الأحم"، والذي يظهر أنها محرفة عن "الآمر".
(٢ - ٢) طمسٌ في الأصل، والذي يفهم من شُبْهتهم، أنه لا يصح تعلُّقُ الأمرِ بمعدومِ، لأن من شرطِ الأمرِ وجودَ المأمورِ ووجودَ الآمر وكما يستحيل وجودُ أمرِ بغير آمرِ كذلكَ يستحيلُ وجود أمرِ بغيرِ مأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>