للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

يجمع شُبَههم (١)

فمنها: أن بَنَوْا ذلك على أصلهم، وأنَ الثوابَ على الطاعاتِ واجبٌ، وهو دائمٌ, ولا يجوزُ أن يكونَ ثوابُهم في خلالِ أعمالم؛ لأنه يصيرُ منقطعاً، وإن أدام عليهم التكليفَ، لم يبْق زمانٌ تقَعُ فيه الثوابُ والمجازاةُ على أعمالهم، فلذلك لم يصح الأمرُ بدوامِ الطاعاتِ، وتأبيدِ العباداتِ.

ومنها: أنَّ الأعمالَ لا بُدَّ من انقِطاعها بالموتِ، ولا بُدَّ من الإثابةِ عليها في غير زمنِ التكليفِ، وإذا كان كذلك؛ صارَ قولُه: افعلوا أبداً، مجازاً، فلا يبقى في قوله: "أبداً" سوى المبالغة دون الحقيقةِ.

ومنها: أنَ التأبيدَ مع تخللِ العوارضِ القاطعةِ لا يتحقَقُ ولا يُمْكِنُ، فلا وجهَ لاتّجاه الأمرِ مع عدمِ الإمكان، كما لا يصحُّ أمرُه بما لا يُتصوَّرُ فعله لاستحالته، أو لعدمِ القدرةِ عليه.

فصل

يجمع الأجوبة عن شُبَههم

أما دعوى استحقاق الثوابِ، فلا نُسلّمها، بل أقلُّ نعمةٍ لله تعالى بفضلٍ منه، ولو قوبل بها سائرُ الأعمال لأوْفَت وأربتْ نعمتُه عليها، وهو المالكُ للأعيان، ولا وجة لاستحقاق الأُجرةِ على المولى بعملٍ عنده، فكيف بمالكِ الأعيان، المنعمِ بالإيجادِ والإخراجِ من العَدم إلى الوجود؟

والذي يوضّحُ أن [الثوابَ ليس بمُسْتَحق؛ أنه لو كان مستحقاً لما استحقَ اللهُ الشكرَ] ٢) على نعمِهِ، كما لا يستحقُ القاضي لِدَينه، والمُوفي للحقوق اللازمة له الشكرَ


(١) أورد أبو يعلى تلك الشبَه، والردود عليها في "العدة" ٢/ ٣٩٨ - ٤٠٠.
(٢ - ٢) طمس في الأصل، وما بين معقوفين تَبيناه من المعنى ومن "العدة" ٢/ ٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>