للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} [الصافات: ١٠٢]، هذا إشِعارٌ، فأما: افعلْ كذا غداً، فهو صيغةُ الأمرِ، وإذا وُجِدَتْ صيغةُ الأمرِ من الأعلى للأدنى، فلا وجه لِقولنا: إنها إشعار على أنَ الإشعارَ مُنْدرجٌ فيها، وكُلُّ استدعاءٍ بالفعلِ، فهو إشعارٌ لِصاحبه بأنه مُستدعى منه ذلك (١) الفعل.

ومنها: أنَّ تقديمَ الأمرِ قبل وقت الفعل يُعطي الإعلامَ بأنه سَيبقى إلى ذلكَ الوقتِ، فلو قال له في رجب: صُمْ شهرَ رمضان، اندرجَ في أمره علمُه بأنَّ تلكَ المدة مِن عُمره، وإذا عَلِمَ حياتَه من جهةِ الله سُبحانه هذه المدَّة، ففي (٢) إعلامِه بالإبقاء هذه المدَّة مفسدتان كبيرتان [أولاهما: الإغراء بارتكاب المعصية، والثانية: تسويف التوبة] ٣).

فصل

في الأجوبة عن شُبَههم

فمنها: أنه غيرُ ممتنع أن يقعَ الإعلامُ في طيِّ الأمر كما إذا أمره في وقتِ الفعل بصلاةِ الركعاتِ المتضمنة لأوقات تَتَراخى عن الأمرِ وقتَ الأمر.

ومنها: أنَ دعوى المفسدتين؛ الإغراء والتسويف باطلةٌ (٤)، بل فيه مصلحتان بطاعتين يُتَلقى بهما الأمر العزم والاعتقاد، وَيَمْتدانِ إلى حين الفعل، والإغراءُ إن كان حاصلاً بالأمرِ المتقدم، فيجبُ أن لا يخاطَب بعبادةٍ تمتد، كصيامِ شهرين متتابعين في الكفارة؛ ولأنَ صومَ شهرِ رمضان في أصلِ الفريضة، فلما جازَ الأمرُ بعملٍ يطولُ ويقصر بَطَلَ ما عوَّلوا عليه من ذَريعةِ الإغراء بالمعصية، والتسويفِ بالتوبة؛ ولأنَّ


(١) عرفت في الأصل إلى:"دليل".
(٢) في الأصل: "وفي"، والفاء أنسب لاستقامة العبارة.
(٣ - ٣) طمس في الأصل، وما بين معقوفين مقدرحسب المعنى.
(٤) في الأصل: (باطلٌ) والجادة ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>