للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك العلمُ بالله سبحانه أكثرُ ثواباَ من العلم بأن أبا بكرِ كان الخليفة بعدَ رسولِ الله بطريق استحق به الخلافة، والعقابُ على جحد الصانع أكبرُ مِن العقابِ على جحدِ خلافةِ أبي بكر ولا يقال: إنَ العالِمَ بالصانع أعلمُ من [العالمِ] أن أبا بكر كان الخليفةَ،. وإذا كان القائلون بذلك لم يُفسروا قولهم: أوجب، إلا أن الثوابَ عليه أكثر، حصل الوفاقُ منهم فيما أردنا، وأن الواجبَ حقيقة لا تتزايدُ، والوجوبُ أمر لا يقبل الزيادةَ في نفسه من حيث كونُهُ استدعاء مخصوصاً من شخص مخصوص [بل تتزايد المقابلة] ١)، فلا نُنكرُ أنَ المقابلةَ على الإيمانِ بالله بالثوابِ تتضاعفُ على المقابلةِ على فعلِ الصلاة، وأن المقابلةَ بالعقابِ على تركِ الصلاة لا تَبلغُ مبلغ العقابِ على تركِ الاعتقادِ، فلا طائلَ في الاختلافِ في العباراتِ مع الاتفاقِ في المعنى، وما صار ذلك إلا بمثابةِ من قال: إن زيداً أعلمُ من عمروٍ بالنَّسبِ أو النحوِ ... لا يكونُ (٢) إلا مرفوعاَ، والمفْعولَ مَنْصوباً أوفى من علمِ عمروٍ به؟ وأنَ علمَ زيدٍ بالماءِ النجس لا يزيلُ نجساَ ولا حَدثاَ أوفى مِن علمِ عمرو به؟ فقال: لا بَل أُريدُ أن زيداً يَعلمُ من أنساب العربِ ودقيقِ النحوِ وغرائبِ مسائله، ومِن مسائل الفِقه أوفى مما (٣) يعلم عمرو, وأنَ الملَك يقابله على علمِه بأوفى جائزةِ من عمرو.

قلنا: قد وافقتَ فيما أردنا، وفيما عليه أجمعنا، فلا نَمنعُ من تفسير قولك: أعلمُ، مِن المجازِ والاستعارةِ بما أردت.


(١ - ١) طمسٌ في الأصل، وما بين معقوفين مقدرحسب المعنى.
(٢) العبارة هنا غيرسليمة، ولعل الناسخ أسقط بعضها، ويظهر أن تقديرها كالآتي:"وما صار ذلك إلّا بمثابة من قال: إن زيداً أعلم من عمرو بالنسب أو النحو أو الفقه، فيقال له: أتريد أن علم زيد بأن الفاعل لا يكون إلّا مرفوعاً .. " والله أعلم.
(٣) في الأصل: "ما"، والمثبت هو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>