للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصله، وهو الوجوبُ في أصل الوضع، فلهم أن يقولوا، أعني أصحابَ ابي الحسن الكرخي: إنَّ من أصلنا أنَّ الشروع في العباداتِ يجعلُها واجباً؛ لأنَّ الشروعَ كالنذر، فالزيادةُ عبادةٌ قد شرعَ فيها، تَنقل الكلام إلى ذلكَ الأصلِ.

فصل

يجمع شُبَههم

فمنها: أنَّ الاسم يقع على آخرِ (١) الفعل، كوقوعه على أوَّله أو على الفاتحةِ، وما زاد نُوقِع عليه اسمَ الواجبِ المأمورِ به، وهو الركوعُ والقراءةُ حيث وقعَ على جميعه اسمُ القراءةِ والركوعِ.

ومنها: أنَّ الزيادةَ على المنهى جُعِلَ محظوراً مثلَه، وما زيدَ على الشرطِ جُعِلَ كالشرطِ، والزائدَ على عددِ الجُمَع مِمَّن (٢) لا تَجبُ عليه الجمعة اقتصر عليه حكمُ الجمعةِ في حصولِ الإجزاء عن الظّهر وبيانُ الشرط، أنه لو سرقَ النَّباشُ اللَّفائِف غير المعتَبرة وتمَّ بها النصابُ، قُطعَ وجُعل في حُكم المعتبرة، وكذلك الستْرةُ الثانيةُ إذا كانت غَصباً حصلَ الإجزاءُ والاكتفاءُ بواحدة، وأثَّرَت الثانية في الإبطالِ، كما لو كانتا مَغصوبتين (٣).

فيقال: ذاك تساوى المأثم، فالإثمُ على جميعه، وها هنا لا مأثمَ على تركهِ جَميعه بل على تركه بعضه، وذاكَ لا يُجبرُ على فعلِ الزائدِ وعلى تركهِ، وهنا يُجبَرُ مَن فعلَه وتركَه. ولأنهم قالوا: يقطعُ بالنصابِ فيما زادَ عليه، ولا يتعلقُ الوجوبُ بالأوقاصِ (٤)


(١) في الأصلِ "أجزاء".
(٢) في الأصل: "من".
(٣) المقصودُ بذلك: أنه إذا كانت إحدى سُترتي المصلي مغصوبة، أثرت في إبطال الصلاة، كما لو
كانتا مغصوبتين.
(٤) الأوقاص: جمع وَقص، وهو ما بين فريضتي الزكاة، كالزيادة على الخمسِ من الإبل إلى التسع، وعلى العشرِ إلى أربعَ عشرة. انظر "النها ية في غريب الحديث": ٥/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>