للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التوبة: ٨١] وقوله: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} [الأحزاب: ٦٠] ... الى أمثال ذلك، فَعُلم أنَ الله سُبحانه يَفعلُ الأصلحَ ويَعتمدُه في حقِّ من شاء، فأما أن يُشترط الأصلحُ في أمره، ويقف أمرُه عليه، فمتى ذهبَ إليه ذاهب مَنَعته هذه الآيُ وما شَهدت به أحوال بَعضِ المكلفينَ المأمورينَ من كونِ الأوامِر والنواهيِ والتكاليفِ عادت بوَبالهِم في فسادِ عاقبتهم وفسادِ الأمةِ بهم.

وهذه شَذْرَةٌ كافيةٌ في مثلِ هذا الكتاب، إذ ليس بموضوع في أصول الديانات، لكنّه في أصولِ الفقه.

فصل

فيما تعلقوا به لِمذهبهِم

قالوا: القولُ والفعلُ إذا خَلا من فائدة كان عبثاً، وقد نزَه اللهُ سبحانه نفسَه عن العبثِ وعن الباطل، فقال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ....} إلى قوله: {إِلَّا بِالْحَقِّ} [الدخان:٣٨ - ٣٩]، وقال: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: ١١٥]، {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]، فمن تنزه عن فِعلٍ يخلو من نفع به، [قادر] (١) على التنزيه لنفسه عن فعل هو محضُ مَضَرة لا فائدةَ فيه.

والأمرُ أحدُ أقسامِ كلامِه سبحانه، لا يخلو أن يكونَ إما لنفعٍ، أو دفعِ ضررٍ, والله سبحانه مُنزهٌ عن ذلك، لم يبقَ إلا أنه أمرَ العبادَ لنْفعهم ودفعِ الضررِ عنهم، وذلك هو الأصلحُ الذي نشيرُ إليه، وإذا خلا من اجتلابِ النفعِ لهم الموفي على مَشقَّة التكليف، أو دفعِ المضار عنهم تعطلَ عن فائدة، وكلُّ قولٍ تعطّلَ من فائدةٍ كان لغواً، كما أن كُل فعلٍ تعطَّل من فائدةٍ كان عَبثاً، والله سُبحانه منزّه عن العبثِ عقلاً وشرعاً، حيثُ قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}


(١) زيادة يستقيم بها المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>