للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحجر ٨٥]، وفي لفظٍ آخرَ {لاعبين} [الدخان: ٣٨]، وقال: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: ١١٥]، {مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقّ} [الدخان: ٣٩]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧]، وإذا بطلَ أن يكون لمعنىً يعودُ إليه، وبطل أن لا يكون لمعنى رأساً؛ لأنه [سبحانه منزه] (١) عن العَبث، لم يبق إلا أنه لنفعِهم ودفعِ الضررِ عنهم، وذاك هو الأصلحُ الذي نشيرُ إليه.

فصل

في جوابهم عما تعلقوا به من الشبهة

فيقال: نحنُ نخالفكم في هذا الأصل، ولا نطلبُ لأفعالِه وأقوالِه الفوائدَ، بل نقول: إنَ القولَ والفعلَ الصادرين (٢) عن الله سبحانه يصدرانِ عن إرداةٍ مطلقةٍ وتصرّفٍ في أعيانِ مُلكه، وقد يصدرُ عنه ما لو صدَر من خلقِه لكان مَذموماً مُسْتَهجناً، ويصدرُ عنه حسناً، كأمرِه لمن يعلمُ أنه لا يُطيع، وخلقِه لمن يعلم [أنه لا يعمل] (٣) إلا بالبغي، وإمدادِه بالقوى والأموالِ وطولِ الأعمار وكلِّ شيءٍ يكون به [من] (٤) الشَّرِّ أقربَ وعن الخير أبعدَ، ولو صدرَ هذا من الواحدِ منّا بأن أخرجَ عبداً من حَبسٍ كان مانعاً له، أو حل قيداً كان مُعوّقاً له عن الفسادِ مع علمه بأنه لا يَتصرّفُ بعد إطلاقه إلا فيما يعود بفسادِ حاله وأحوال العباد، فإنه يكون جميعُ ما يَتطرّقُ من ذلك العبدِ منسوباً إليه، ويكونُ مذموماً عليه، وهذا موجود في تكليفِ الله مَنْ كَشفَ الغيبُ عن فَسادِه وإفسادِه، وهو بريءٌ من كل لائمةٍ، حاكم غير مَحكوم عليه، على أنه القادرُ على النَفعِ المحض الذي وَعَدَ به أهلَ الجنة، وما فعله مع كونه قادراً عليه من غَير تقديمِ بُغْضِ الدنيا ومِحَنِ التَّكاليف ومَشاقِّها، وكل من قدرَ على


(١) ما بين معقوفين ليس في الأصل، ولابدمنه لاستقامة العبارة.
(٢) في الأصل "الصادران" والصواب ما أثبتناه.
(٣) ما بين معقوفين ليس في الأصل، ولابدمنه لاستقامة العبارة.
(٤) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>