للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجعَ إليه، وإنما سُنةُ غيره وأمرُ غيره يُعلم بالتقييد والدلالةِ والقَرينةِ، يوضّحُ هذا: ما رُويَ عن أنسٍ أنه قال: إنَ بلالاً أُمر أن يَشْفَعَ الأذان ويُوتر الإقامَة (١).

ولم يقُل أحد (٢) ولا سأل: مَن الآمر له؟ لحملهم ذلك (٣) على الأمر المعهود المعقول، وهو أمر الشارع دون غيره.

وصار ذلك بمثابةِ ما لو قال بعضُ خَدمِ السلطانِ: أمرَ وتَقدَمَ، أو أمَرنا وتقدَم إلينا، أو نَهانا. فإنه لا ينصرفُ ذلك إلا إلى أمر السلطانِ ونَهيهِ وتقدُمه، دون أتباعِه وحواشِيه وخدمِه، كذلك النَبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابِه يجبُ أن ينصرف الأمرُ إليه دونَهم.

ومنها: أنه لا خلافَ أنه لو قال قائلٌ: أُرخص، أو رُخّص في كذا، لرجعَ ذلك إلى ترخيصِ النَبي صلى الله عليه وسلم، كذلكَ إذا قيل: أُمِرنا، وُنهينا؛ لأن الترخيص والأمرَ والنَهي جميعَ ذلك تشريعٌ.

فصل

في إفراد شُبههم

فمنها: أنَ الأصلَ براءةُ الذمة، فلا تُشغَل بلفظٍ يترددُ بين أمرٍ يوجِب شَغلَها، وبين أمرٍ لا يوجب شَغلَها.

ومنها: أنَ السنةَ، والأمرَ، والنَهيَ قد ينصرفُ إلى غير سنَةِ النبي صلى الله عليه وسلم، فإنَ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "عَليكمْ بسنَتي وسُنّةِ الخلفاءِ الراشدينَ من بعدي" (٤)، وقال: "مَن سَنَّ


(١) أخرجه أحمد ٣/ ١٠٣، والبخاري (٦٠٥)، ومسلم (٣٧٨)، والنَسائي ٢/ ٣، وأبوداود (٥٠٨)، وابن حبان (١٦٧٥)، والبيهقي في "السنن" ١/ ٤١٣، والدارمي ١/ ٢٧١، وابن خزيمة (٣٧٥).
(٢) في الأصل: "لأحد"، والمثبت من "العدة" ٣/ ٩٩٥.
(٣) في الأصل: "على ذلك"، ولا داعي لها.
(٤) تقدم تخريجه في الجز الأول، صفحة: ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>