للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ لا قرينةَ ولا دلالةَ؛ لأن الأصلَ النفيُ إلى أن يقومَ دليلُ الإثبات على قرينةٍ كانت أو دلالة.

ومنها: أنَّ الوقوفَ توقّع، والصيغةَ اقتضاءٌ وطلبٌ بالكفّ، والأعلى إذا اقتضى الأدنى بالكفّ، اقتضى استدعاؤه طاعتَه لا محالة، واشتراط الرتبة عندهم لإيجابِ الطاعةِ، إذ لا معنى لاشتراطها (١) إلا ليكون استدعاءً مطاعاً.

ومنها: ما أجمعَ عليه أهلُ اللغةِ: أن السيّد إذا نَهى عبدَه عن فعلٍ فارتكبه، حَسُن تأديبُه وعقوبتُه، ولولا وجوبُ التركِ وتحريمُ المخالفةِ للنهي ما حسنُت عقوبتُه، ألا ترى أن السَّؤالَ والرغبةَ لماّ لم يوجبا على المسؤولِ الإجابةَ، لم يحسُن ذمُّه على منعِ الإجابة.

فصل

في ذكر شُبهتهم

قالوا: هذه الصيغةُ مُترددة محتملة الكراهةَ والتنزيهَ، وتحتملُ الحَظرَ والتحريمَ، فلا تُرجحُ إلى أحدِ محتمليها إلا بدلالةٍ، فوجب التوقفُ إلى حينِ قيامِ دلالةِ الترجيحِ، كالألوان المشتركة، مثل: لون، وجَون، وشَفَق (٢)، فيقال: بل هي موضوعة للتركِ الجزمِ الواجبِ، ولهذا اعتبر لها في كونها نهياً أن تصدر عن المطاعِ، وليس ذلك بإجماعنا قرينة، لكنّه شريطةٌ، وإنما يحطّ عن رتبةِ التحريمِ إلى التنزيه بدلالة، فهي كألفاظِ الحقائق، كبَحر وشُجاع، وحمار لا يخرج عن الماءِ الكثيرِ الواقف، والحيَّة، والنَهاق إلى العالِمِ، والسَّخيَّ، والبليدِ، والمِقْدامِ إلا بدلالة، وفارق الأسماءَ المشتركة؛ لأنها ليست في أحد المعاني أظهر ولهذا لا يحسُن ضربُ العبد ولومُه على توقفِه


(١) في الاصل: "لاشتراكها"، ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) يطلق الشفق على الحُمرة التي ترى بعد مغيب الشمس، وعلى البياض الباقي في الأفق الغري "اللسان": (شفق).

<<  <  ج: ص:  >  >>