للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن الإنسانَ لا بُد له من مُستقَرٍ يستقرُّعليه، سواء مَلكه أو ملكَ غيرَه، فصاربمثابةِ الفضاءِ حالَ قيامه، لما لم يكن بُدٌ من فضاء يقوم فيه وتنتشرُ قامتُه فيه، لا جَرَم لا فرقَ بين انتشار قامتِه في هواءِ ملكِه، أو هواءِ ملك غيره.

ومنها ما تعاطاه بعضُهم، وقال: إنَّ الكونَ في الدارِ على وجْهِ التعدّي والغصبِ، والصلاةَ طاعة في نفس وقُربة، وهي منفصلة من الغصبِ، والدليلُ على انفصالِه عنها أنه قد يفعل الكونَ في الدار من لم يكن مُصلّياً.

ومنها ما احتج به فيَ الشيخُ الإمامُ أبو سَعد المتولِّي (١) -رحمه الله- بمجلس قاضي القضاة الدامغاني (٢) -رضي الله عنه- بمجلس النظر بدارٍ بنَهرِ القَلاَّئين (٣)، فقال: أجمعنا على أنَّ العبدَ الآبقَ عن سيده غاصبٌ لنفسه، وهو يُصلّي بجملته وأجزائه، وأجمعنا على صحةِ صلاتِه مع كونه مصلياً بذاتِه وأركانِه المغصوبةِ، فصلاةُ غير العبدِ الآبقِ، الحر المالكِ لنفسه وأجزائه وأعمالِه إذا صلى في بقعةٍ مغصوبةٍ، أوْلى أن تصحّ صلاتُه.


(١) هو أبوسعد عبد الرحمن بن مأمون بن علي النيسابوري المتولّي، أحد الأئمة الشافعية الرفعاء، له عدة مصنفات منها "مختصر في الفرائض"، و"كتاب في الخلاف"، و"مصنف في أُصول الدين" توفي سنة (٤٧٨ هـ)، "طبقات السبكي" ٥/ ١٠٦، "طبقات الإسنوي" ١/ ٣٠٥ - ٣٠٦، "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٥٨٥.
(٢) هو أبوعبد الله، محمدُ بن علي بن محمد بن حسن بن عبد الوهاب بن حسويه الدامغاني الحنفي، ولدَ بدامغان سنة (٣٩٨ هـ) سكنَ بغداد ودرسَ بها فقه أبي حنيفة، وتولى قضاءَ القضاة وانتهت إليه الرئاسة في مذهب العراقيين، توفي سنة (٤٧٨ هـ). "تاريخ بغداد" ٣/ ١٠٩، "الفوائد البهية" ١٨٢ - ١٨٣، "سير أعلام النبلاء"١٨/ ٤٨٥.
(٣) جمع قَلاء، للذي يقلي السمك، وهي محلةٌ كبيرةٌ ببغداد في شرقي الكرخ، نُسب إليها عدد من العلماء من بينهم أبوالبركات عبد الله بن المبارك الأنماطي النَّهري توفي سنة (٥٣٨ هـ)، انظر "مُعْجَم البلدان" ٥/ ٣٢٢ - ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>