للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: الأصلُ في اللغةِ ذلك، وفي المعقولِ فإذا ورد إباحة بما هو أشدّ الأذايا.

كان تَحكُّماً معقولاً، فَنحنُ نعملُ بظاهرِ اللفظ إلى أن تَرِدَ دلالة تُخرجُ عنه بتحكمٍ شرعي.

ومنها: أنَّ القصدَ من الكلامِ التفاهمُ وإيصالُ ما في نفسِ المتكلم إلى مخاطِبه ومكالمِه، فاذا عوَّل على مجرد اللفظ دون دلائلِ الأحوالِ والمقاصدِ المطويّة في الأقوال (١)، وهل يخفى [على] (٢) عاقل من أهل اللغة إذا قيل له: لا تعبس في وجْهِ فلان. أنه قصد بذلكَ صيانتَه عن أذيَّته بما فوق التعبيسِ من هُجْرِ الكلامِ وخشنِ الفعالِ، وما يزيدُ على أذيَّة التعبيس.

ومنها: أنَّ قائلاً لو قال لأمير سريَّة: إذا ملكتَ البلدَ، فلا تُطْفىء فيه سراجَ، بقّالٍ، ولا تَسلبهم حَبْلاً ولا عقالاً، وقد نبّه النبي صلى الله عليه وسلم بمثلِ ذلك، فقال في اللُّقَطةِ: "احفَظ عِفاصَها ووِكاءَها" (٣)، وقال في الغنائم: "أدّوا الخَيْطَ والمِخْيَطَ، من سرق عصا فعليه ردّها" (٤)، عَقَلَ منه ما يزيدُ على إطفاءِ السراجِ وغَصب العقالِ، وبما في


(١) لم يرد جواب إذا، والمعنى مفهوم من السياق.
(٢) ليست في الأصل.
(٣) أخرجه أحمد ١١٦/ ٤ وه / ١٩٣، ومسلم (١٧٢٢)، وابن ماجه (٢٥٠٧)، وأبوداود (٧٠٦)، والترمذي (١٣٧٣)، والطبراني (٥٢٣٧)، والبيهقي ٦/ ١٩٢ و ١٩٣، وابن حبان (٤٨٩٥) من حديث زيد بن خالد الجهني قال: سئل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة، فقال:"عرِّفها سنَة، فإن لم تعرف، فاعرف عِفاصها، ووِكاءها، ثمَّ كلها، فإن جاء صاحبها، فأدَّها إليه".
والعِفاص: الوعاء الذي تكون فيه النفقة، من جلد أو خرقة أو غير ذلك.
والوِكاء: هو الخيط الذي يشدُ به الكيس أو الصرة.
"النهاية في غريب الحديث" ٣/ ٢٦٣، و٥/ ٢٢٢.
(٤) أخرجه أحمد ٢/ ١٨٤، ومالك في"الموطأ" ٢/ ٤٥٨، وأبوداود (٢٦٩٤)، وابن ماجه (٢٨٥٠)، وابن حبان (٤٨٥٥) من حديث عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أدو الخِياط والمِخيَط، فمنَ الغُلولَ عاو ونار وشنار على أهله يوم القيامة". =

<<  <  ج: ص:  >  >>