للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِرضَه وعُقوبَتَه" (١)، والواجِد هو الغني، وليه: مَطْلُهُ، وهو بعينه في معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "مَطْلُ الغَني ظُلم" (٢)، قال أبو عبيد: أراد أن مَنْ ليس بواجدٍ لا يَحلُّ ذلك منه. وقال غيره: وعرضُه يَحِل بالمطالبة، وعقوبتُه بالحَبْس، ومَطل غير الغنيَّ ليس بظلم.

وقال أيضاً في قوله عليه الصلاة والسلام: "لأنْ يمتلىء جوفُ أحدِكم قَيحاً خيرٌ له من أن يَمتلىءَ شِعراً" (٣)؛ وقد قيلَ له: إنما أرادَ بهِ الهجاءَ من الشعرِ وسب الناس أو ما هُجيَ بهِ الرسولُ صلى الله عليه وسلم. فقال: لو كانَ ذلك هو المرادَ، لكان لا معنى لتعليقِ ذلك بالكثرةِ، وتعليق التحذيرِ منه والنهيِ عنه بامتلاءِ الجوف منه؛ لأنَّ قليلَ الهجاءِ ككثيره، يعني بذلكَ أن ما دون ملءِ الجوفِ لا يتعلّق الذّمُ به (٤)، فقد فهم أبو عبيد من تعليقِ الذَم عليه بامتلاءِ الجوف أن ما دون ذلك بخلافِه، وأنَّ قليلَ الهجاءِ وكثيرَه


(١) أخرجه أحمد ٤/ ٢٢٢، ٣٨٨، ٣٨٩، وأبوداود (٣٦٢٨)، وابن ماجه (٢٤٢٧)، والنسائي ٧/ ٣١٦ - ٣١٧، وابن حبان (٥٠٨٩)، والطبراني (٧٢٤٩)، والحاكم ٤/ ١٠٢، والبيهقي ٦/ ٥١، من حديث عمرو بن الشريد بن سويد الثقفي، عن أبيه. واللَّي: هو المطل.
والواجد: هو الغني.
(٢) أخرجه أحمد ٢/ ٢٦٠، ٤٦٣، والبخاري (٢٢٨٧) و (٢٢٨٨) و (٢٤٠٠)، ومسلم (١٥٦٤)، وأبوداود (٣٣٤٥)، وابن ماجه (٢٤٠٣)، والترمذي (١٣٠٨)، وابن حبان (٥٠٥٣) و (٥٠٩٠)، والبيهقي ٦/ ٧٠. من حديث أبي هريرة، أنَ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - قال:" مطل الغني ظلم، وإذا أُتْبعَ أحدُكُم على مليءٍ، فليتبع".
(٣) أخرجه أحمد ٢/ ٢٨٨، ٣٥٥، ٣٩١، ٤٨٠، والبخاري (٦١٥٥)، ومسلم (٢٢٥٧)، وأبوداود (٥٠٠٩)، وابن ماجه (٣٧٥٩)، والترمذي (٢٨٥١)، وابن حبان (٥٧٧٧) و (٥٧٧٩) من حديث اْبي هريرة، بلفظ: "لأن يمتلىء جوفُ أحدكم قيحاً حتى يَريَه خيرٌ من أن يمتلىء شعراً".
وقوله: يريَه هو من الوَرْي، وهو داء يفسد الجوف.
(٤) انظر (غريب الحديث) لأبي عبيد ١/ ٣٦ - ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>