للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل، وهو براءةُ الذمّة من إيجابِ الغسلِ.

ومنها: قولُ يَعلى بن مُنْيَةَ لعُمر بن الخطاب رضي الله عنه: كيف نَقْصُر وقد أمِنَا؛ وقول عمر: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسالتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "صَدقةٌ تصدق اللهُ بها عليكم، فاقبلوا صَدَقته" (١) فعقلا من قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ١٠١]، جوازَ قصر الصلاة عند الخوف، وعقلا من دليله وجوبَ إتمامها عند الأمنِ، بخلافِ حكمِ ما تَناوله الشرط.

ومنها: ان النبي صلى الله عليه وسلم امتُدح بقوله: "أُوتيتُ جَوامع الكَلِم، واختُصِرت لي الحِكمة اخْتِصاراً" (٢)، فإذا قال: (في سَائمة الغَنَم الزَّكَاة)، وكانت السائمةُ والمعلوفةُ والعواملُ عنده سواء، كان هذا تطويلاً للكلام لغير فائدة.

ومنها: أن نقولَ: معلومٌ أنه لو قال: (في الغنمِ الزكاةُ)، كان الحكمُ هو إيجابَ الزكاةِ عاماً في جميعِ الغنمِ، فإذا قال: (في سائمةِ الغنم)، صارَ مخرجاً بهذا القولِ ما لولاه لكان داخلاً في الحكم، فصار كالتخصيصِ والاستثناءِ.

فنقول: نيطَ باللفظِ ما لو اختزل عمَّ، فاقتضى نَفياً وإثباتاً كالمستثنى مع المستثنى منه، والعمومِ مع التخصيصِ، والغاية على من يسلمها ويقولُ: إنَ تعليقَ الحكم بالغاية (٣) يدُل على مخالفةِ ما بعدها لما قبلها في نفي الحكمِ عنه، وتعليقِ الحكمِ على الشَرطِ على من يسلِّمه منهم على ما حكيناه عن بعضِهم، ويكشفُ هذا بأنّ


(١) تقدم تخريجه في الجزء الثاني الصفحة (٢٦).
(٢) أخرجه الدارقطني ٤/ ١٤٤ - ١٤٥ من حديث ابن عباس بلفظ: "أعطيت جوامع الكلم، واختصر لي الحديث اختصاراً" والصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بعثت بجوامع الكلم" أخرجه البخاري (٢٩٧٧) و (٦٩٩٨) و (٧٠١٣) و (٧٢٧٣)، ومسلم (٥٢٣) وأحمد ٢/ ٢٥٠ و ٢٦٤، والترمذي (١٥٥٣)، والنسائي ٦/ ٣ - ٤.
(٣) في الأصل: "الغاية" بدون الباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>