للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: يبطلُ بالأمرِ بالشيء، فإنه يُعقل منه النهيُ عن ضِده، ويبطل بلفظ الغاية يثبتُ الحكم إليها ينفيه (١) عما عداها.

وفيما ذكرناه كفاية، والدلائلُ تأتي بالعجائب، فلا وجه لإنكارِ الشيء المتحد إذا قامت عليه دلالة، ولو لم يكن فى لغة العرب سواه.

فصل

في الدلالة على أن تعليق الحكمِ على الاسم يدلُّ على أنَّ ما عداه بخلافه (٢)

أنَ الاسمَ وضِعَ للتمييز بين المسمَّيات، كما وضعتا الصفةُ لتمييز الموصوفِ بصفتهِ عن الموصوفات، فاذا قال: ادفع ديناراً إلى زيد، واشترِ لي شاةً بدينار كان في حصولِ التمييز بمثابةِ قوله: اشترِ لي خبزاً سَميذاً، ورطَباً جنياً، وادفع إلى زيد ديناراً جيداً.

ثم إن تعليقَ الحكمِ على الصفةِ يدل على نفيه عما تنتفي عنه تلكَ الصفة، كذلكَ إلاسمُ، ولا فرقَ بينهما.

فان قيل: الصفةُ يجوز أن تكونَ علةً للحكم، والاسمُ لا يجوزُ أن يكونَ علةً للحكمِ.

قيل: لا نُسلّم؛ لأنَّ أحمدَ نصَّ على التعليلِ بالأسماء في أحكامٍ عدةٍ، مثل الماء والتراب في الطهارة (٣)، لأنَّ عللَ الشرعِ أماراتٌ على الأحكام غيرُ موجباتٍ، ولا بدْعَ


(١) في الأصل: "نفيه".
(٢) تسمَّى هذه المسألة بمفهوم الاسم، أو مفهوم اللقب، وهو حجة عندَ الإمام أحمد وأصحابه، وخالفَ في ذلك جمهور الأصوليين.
انظر "المعتمد" ١/ ١٤٨، و"البرهان" ١/ ٤٥٣ - ٤٥٤ و"الإحكام" ٣/ ١٣٧، و" شرح تنقيح الفصول" ص. ٢٧، و"العدة" ٢/ ٤٧٥ - ٤٧٧، و"شرح الكوكب المنير" ٣/ ٥٠٩ - ٥١١، و"التمهيد" ٢/ ٢٠٢ - ٢١٠.
(٣) انظر "العدة" ٢/ ٤٦٥ و ٤٧٥

<<  <  ج: ص:  >  >>