للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النساء: ١٢]، وهذا كلُهُ يدل على أنهم فهموا من التقديمِ في اللفظِ التقديمَ في الحكمِ.

ومنها: أنَ المهاجرين احتجوا على الأنصارِ في بابِ الخلافةِ من جملة ما احتجوا به أن الله بدأ بنا فقال: {وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} (١) [التوبة: ١١٧]، والعرب تبدأ بالأهمِّ فالأهمِّ، ولهذا قَدَّم الفقراء في أصنافِ الزكاةِ (٢)، لكونِهم أمسَّ حاجةً من غيرِهم من الأصنافِ.

ومنها: أنَ كل فطنٍ من أهلِ اللغةِ يعلمُ أنَ رجلاً لو كاتب غيرَه بكتابٍ، وذكر فيه أنه قد أنفذه على يدي رسولين، وبدأ بذكرِ أحدِهما في الكتابِ، عَلمَ المكتوبُ إليه وسبقَ إلى فهم كل عالمٍ باللغةِ أنَ أكرمَهما عليه وعندَه من بدأ بذكره، وإن كان اسمُ الثاني معطوفاً على الأول بالواو.

ومنها: أنَ المعنى نَتيجةُ اللفظِ، واللفظُ في أحدِهما سابق، فكان المعنى سابقاً.

فصل

في الأجوبة عنها

أما الأولى: فإنَّ إنكارَ النبي صلى الله عليه وسلم على الخطيبِ الجمعَ بينَ اللهِ ورسوله على وجه التثنية، فهي أبلغُ من الجمعِ بالواو وإن كانت الواوُ شريكتَها في الجمعِ، ولهذا قالَ سبحانه: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: ٦٢]، ولم يقل: يرضوهما، وطلبَ


(١) لم نقف فيما بين أيدينا من كتبِ السنة والسيرة التي روت خبر سقيفة بني ساعدة، على استدلال المهاجرين على الأنصار بهذه الآية. وانظر خبر السقيفة عند أحمد (٣٩٠) ط مؤسسة الرسالة، والبخاري (٣٦٦٨)، وابن حبان (٤١٤)، وسيرة ابن هشام ٤/ ٣٠٦ - ٣١٢.
(٢) في قوله تعالى في سورة التوبة، الآية (٦٠): {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ....} الآيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>