للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العموم] (١)

فصل

العمومُ: صيغةٌ تدل بمجردها على أنَ مرادَ النطقِ بها: شمولُ الجنسِ والطبقةِ مما ادخلَ عليه صيغة من تلكَ الصيَغ (٢).

وإنما تنكبتُ ما سلكه الفقهاء من قولهم: للعمومِ. لما قدمتُ في الأمر والنهي (٣)، وأنَ من قالَ بأنَ الكلامَ هو عينُ الحروفِ المؤلفةِ، لا يحسنُ به أن يقولَ: للعمومِ صيغةٌ؛ لأنَّ الصيغةَ هي للعمومِ، فكأنه تقول: العمومُ عموم. وإنما يحسُنُ ذلكَ ممن قالَ: الكلامُ قائم في النفسَ (٤)، فالصيغةُ له لا هُو.

وقد شرحت في بدءِ كتابي هذا تقاسيمَ ألفاظِه وصِيغِهِ (٥)، وإنما الكلامُ ها هنا في أصلِه دونَ تفاصيله، هذا مذهبُنا، نص عليه صاحبُنا، وبهِ قالَ الفقهاءُ؛ أبو حنيفةَ، ومالك، والشافعيُّ، وداودُ.

وقالت الأشاعرةُ: ليس للعمومِ صيغة، وما يرد من ألفاظِ الجموعِ لا يحملُ على


(١) زيادة ليست في الأصل.
(٢) وهو مذهب جمهور الفقهاء والأصوليين، حيث قالوا بأنَ للعموم صيغةٌ تخصُّه، ويعرف هذا المذهب بمذهب أرباب العموم. انظر تفصيل المسألة في"العدة" ٢/ ٤٨٥، و"التمهيد" ٢/ ٦، و"شرح الكوكب المنير" ٣/ ١٠٨، و"شرح مختصر الروضة" ٢/ ٤٦٥، و"البرهان" ١/ ٣٢١، و" تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم" ص (١٠٥)، و"البحر المحيط" للزركشي ٣/ ١٧، و"الفصول في الأصول" للجصَّاص ١/ ٩٩، و"الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم: ١/ ٣٣٨.
(٣) انظر ما تقدم في باب الأمر في الصفحة (٤٥٠) من الجز الثاني، وفي باب النهي في الصفحة (٢٣٠) من هذا الجزء.
(٤) وهو قول الأشاعرة.
(٥) انظر الصفحة (٩١) من الجز الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>