للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصلاحيةِ مجردة، بل بمقتضى ووضع.

وإبراهيمُ قال: {إِنَّ فِيهَا لُوطًا} [العنكبوت: ٣٢]، ولم يقل: أيَهلِكُ لوطٌ في جملةِ أهلِها؟! والباري سمَّاه بذلك مجادلاً لا سائلاً، فقال سبحانه: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤)} [هود: ٧٤]، والمجادِلُ هو المحتج دونَ المستعلِمِ.

وأمَّا دَعواهم مقارنةَ دلائلِ أحوالٍ وشواهدَ؛ فذلكَ توهم لا يتحققُ إلا بدلالةٍ، وما هذا القولُ إلا كدعوى (١) خصوصِ وَردَ ولم (٢) يُنْقَل، ودعوى صارت لظاهرِ لفطٍ مَنقولٍ من غَيرِ نَقَلةٍ، ونسخِ نص من غير نَقلِ ناسخِه، فنحنُ متمسّكون بمطلق اللفظِ إلى أن تقومَ دلالةٌ بما ادّعاه الخصم.

فصل

في دلائلنا من إجماعِ الصحابةِ على ذلك قولاً (٣) وعملاً

فمنها: احتجاجُ عمرَ على أبى بكرٍ في قتاله ما نعي الزكاةِ: كيف تُقاتِلهم وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرتُ أنْ أُقاتِلَ الناسَ حتى تقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منّي دِماءَهم وأموالهم" (٤)؟، فلم ينكِرْ عليه احتجاجَه بذلك، بل عَدَل إلى


(١) في الأصل: "الدعوى".
(٢) في الأصل: "لم" بدون الواو
(٣) مكررة في الأصل.
(٤) أخرج أحمد ٢/ ٤٢٣، ٥٢٨، والبخاري (١٣٩٩)، و (٦٩٢٤) و (٧٢٨٤)، ومسلم (٢٠)، وأبوداود (١٥٥٦) والترمذي (٢٦١٠)، والنسائي ٥/ ١٤ و٦/ ٥ و٧/ ٧٧، ٧٨، وابن حبان (٢١٦)؛ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر رضي الله عنه بعده، وكَفَر من كَفر من العرب، قال عمر يا أبابكر كيف تُقاتل الناسَ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرت أن أقاتل الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصَمَ مني ماله ونفسه إلأ بحقِه، وحسابُه على الله"؟ قال أبوبكر رضي الله عنه: والله لأقاتلنَّ =

<<  <  ج: ص:  >  >>