للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: كذبتَ، نعيمُ أهلِ الجنَةِ لا يزولُ (١). وهذا كُلُه أخذٌ بالعموم وتجويز للقول به.

فصل

فيما وجّهوه من السؤال على هذه الدلائل

فمنها: أن قالوا: هذه أخبارُ آحادٍ، لا يثبتُ بمثلِها هذا الأصلُ.

ومنها: أنه يَحتملُ أنَّ كلَّ صيغةٍ من هذهِ الصِّيغِ دلَّت عليها دلالةٌ، أو قارنتها قرينةٌ دلَّت على إرادةِ العمومِ بها والاستغراقِ.

فيقال: هي وإن كانت آحاداً في آحاد القضايا، إلا أنها تواترٌ في أصلِ استعمالهم العموماتِ، واحتجاجهِم بها، فصارَ ذلك كشجاعةِ عليٍّ، وسخاءِ حاتِم، وفصاحةِ قُسٍّ، وما ورد في جُزئياتِ سِيَرهم وآحادِ أخبارِهم آحاد، وأصلُ ذلك فيهم تواترٌ.

على أنَّ هذه الأحاديثَ متلقاةٌ بالقبولِ، فهي في حكمِ التواتر ولأنَ ما نحنُ فيه ليس بأصلٍ قطعيٍّ حتى تُطلبَ له أدلةٌ قطعيةٌ، بخلافِ أصولِ الدياناتِ، ولهذا يسوغُ فيه الخلافُ، ولم نُفَسق مخالفنا فيها.

وأمَّا دعوى القرائنِ، فلو كانت لنُقلت، كما نُقِلَ أصلُ الصيغِ والألفاظِ، ولا يجوزُ الإخلالُ بالقرائِن مع كونِ الألفاظِ تتغيرُ بها أحكامُها (٢).

فصل

في دلائلِنا من غير الآي والأخبارِ

فمن ذلكَ: ان أهلَ اللغةِ قد ثبت كونُهم حُكماءَ علماءَ، ودل على ذلكَ ما نُقلَ عنهم وَظهرَ منهم من الأوضاعِ الحكيمةِ (٣)، ومعلومٌ أنَّ العمومَ المستغرِقَ لجميعِ


(١) "السيرة النبوية" لابن هشام ٢/ ٩، "الإصابة" ٢/ ٤٥٧.
(٢) انظر"العدة" ٢/ ٤٩٦ - ٤٩٧.
(٣) في الأصل: "الحكية".

<<  <  ج: ص:  >  >>