للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ الوضع حاصلٌ في الجميعِ، وإنما أُكدَ الأولُ بالثاني، والثاني بالثالثِ، وليس شيءٌ من قرينةِ تقترن بالصيغ التي نقول: إنها موضوعة، إلا وفي الصيغة ما يغني عنها.

ومنها: أنَ دعواهم أنَهم أغفلوا أشياءَ، فليس كذاكَ، بل دقَقوا في النوع الذي ظنَ المخالفُ أنَهم أغفلوه، حتى قالوا: حامض وحُلو ولما تركَبَ بينهما: مُزٌ. فوضعوا لما تركَبَ بين حلاوةِ وحموضةِ اسماَ، لكن قنعوا في بعض الأرايحِ والطُّعومِ بالإضافةِ، والإضافةُ كافية، فإنَ الله سبحانَه سمَّى نفسَه بأسماءَ مشتقةِ من أفعالِه؛ كخالقٍ ورازقٍ، ومن صفاتِه؛ كعالمٍ وقادرٍ، ومن أسمائِه ما هي إضافة كقولهِ: {ذُو الْعَرْشِ} (١) و {الطَوْلِ} (٢)، وفي بعض الكتبِ: أنا اللهُ ذو بَكَة (٣)، فالإضافاتُ مسميات، فقالوا للجنسِ: حلوَّ، فشملوا به طعم العسلِ والرطبِ، وقالوا: رائحة ذكيَّةٌ. فعموا بها ريحَ العودِ والكافورِ، ثم خَصصوا الرائحةَ بمحلها، والطعمَ بمحله،


(١) وذلك في قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ}، سورة غافز الآية ١٥، وفي قوله تعالى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ}، سورة البروج، الآية ١٥.
(٢) وذلك في قوله تعالى: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} ,سورة غافر, الآية٣.
(٣) أخرج عبد الرزاق في "المصنف" (٩٢١٩)، عن الزهري: (بلغني أنهم وجدوا في مقام إبراهيم ثلاثة صفوح، في كل صفح منها كتاب، في الصفح الأول: أنا الله ذو بكة، صنعتها يوم صنعت الشمس والقمر، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء، وباركت لأهلها في اللحم واللبن، ومكتوب في الصفح الثاني: أنا الله ذو بكة، خلقت الرحم، وشققتُ لها من اسمي، من وصلها وصلته، ومن قطعها بَتَتُّهُ. وفي الصفح الثالث: أنا الله، خلقت الخير والشر، فطوبى لمن كان الخير على يده، وويل لمن كان الشر على يده".
وأخرج نحوه عن مجاهد (٩٢٢٠) و (٩٢٢١).
وهو في "المطالب العالية" ١/ ٣٣٥، و" جامع الأحاديث القدسية"١/ ٣٧٣، و"أخبار مكة" للأزرقي ١/ ٧٨، و "البداية والنهاية" ٢/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>