للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

فيما وجَّهوهُ على هذهِ الدلالةِ

فقالوا: ولِمَ قَصرتم الاستثناءَ على ذلكَ؟ وما أنكرتم أن يكونَ تسلط للاستثناءِ على هذهِ الجملةِ، لصلاحيتها للعمومِ دون اقتضائها، ونحنُ لا نمنعُ أنها بالإطلاقِ صالحةٌ، وإنما نمنعُ أن تكونَ تقتضي العمومَ وليس فيما ذكرتم من الاستثناءِ ما يَدُلُّ على أكثرَ من الصلاحية.

فيقالُ: هذا غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ الاستثناءَ لا يُخرجُ إلا ما اقتضاه اللفظُ؛ لأنه مأخوذٌ من قولهم: ثنيتُ عِنانَ فَرسي. إذا صَرفه. وقيل: إنه مأخوذ من تثنية خبرٍ بعد خَبر، فإنَّ قولَه سبحانه: {لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ} [العنكبوت: ٣٢]، خبرٌ بنجاةِ لوطٍ، [وقوله:] (١) {إلا امرأتَه} خبر بإهلاكها، وأيُّهما كان اقتضى دخولَ المستثنى في (٢) اللَّفظ حتى يصرفه عنه في قولِ بعضِهم، فيثني الخبرَ بعد الخبرِ في قولِ البعضِ. ولأنَّه لو كان حَسُنَ الاستثناءُ، لجواز أن يكونَ داخلاً في اللفظ، لوجَب أن يصحَّ من النكراتِ، كما يصحُّ من المعارِف المقتضيَة للجنسِ، فلما لم يحسُن ذلكَ في النكراتِ، بَطلَ ما ذكروه (٣).

فصل

في دلالةٍ لنا أيضاً

هي (٤): أنَه لو قال لرجل: من عندَك؛ حسُنَ أن يجيبَ بكل واحد من جنسِ العقلاءِ، حتى لو استوعبَ الجميعَ لكان ذلكَ جواباً، ولو لم يكن اللفظُ عامَّاًشاملاً لجميعِ الجنسِ،


(١) زيادة يستقيم بها السياق.
(٢) في الأصل: "من"، والمثبت أنسب لسياق العبارة.
(٣) انظر "العدة" ٢/ ٥٠٠.
(٤) في الأصل: "هو".

<<  <  ج: ص:  >  >>