للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما جُعِلَ الجزاءُ معجلًا، لأنه إن كان مجازاةً على إساءةٍ، كان أرْدَعَ عنها، وإن كانَ على حَسَنَةٍ، كان التعجيلُ أدعى إليها، فقالوا: لا تَسوني فأسوءَك.

وقد تكونُ جوابَ جملةٍ من الكلام، نحْوَ قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦]، وإذا دخلتَ مكةَ، فطُفْ بالبيتِ.

وقد تكون جوابَ الأمرِ، نحْوَ قوله: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: ١١٧]،وليس هو في هذه المواضعِ للتعقيب.

فصل

في معنى"ثُم"

وهي مُوجِبَةٌ للترتيب، لكنْ بمهلةٍ وفصلٍ، فإذا قال: اضرب زيداً ثم عمراً، أرادَ به الترتيبَ بنوع فصلٍ متأخرٍ، لا بتعقيب.

وقد تَرِدُ بمعنى الواو، قال الله سبحانه: {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [يونس: ٤٦]، بمعنى: واللهُ شهيدٌ على فعلِهم حالَ فعلهم، لا مُرَتَباً على فعلِهمِ، ويحتملُ أن تكونَ على أصلِها للتَّراخي بكون شهودِ الباري متراخياً عن وفاتِه - صلى الله عليه وسلم -، فإنه (١) {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [يونس: ٤٦]، لا عن أفعالهم، فإنه قال: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ


(١) في الأصل: "أنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>