للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التثبتُ وطلبُ دلالةِ التخصيصِ، فإن فقدَها حملَ اللفظَ على مقتضاه من العمومِ، وذكر أبو سفيان (١) وجوب اعتقادِ عمومِه من غير توقفِ ولا طلبِ دلالةِ تخصيصِ.

فصل

يجمعُ أدلّتنا (٢)

فمن ذلك: أن الصيغةَ تقتضي بوصفِها العمومَ، كما أن اللفظ المقتضي للحكمِ على الدوامِ إذا وردَ فسمعَه من أهلِ الآفاقِ في عصرِ النبي عليه الصلاة والسلام، كمعاذِ باليمنِ، وعتَّاب (٣) بمكة، وغيرهما من الصحابةِ، مع تجويزِ ورودِ ناسخٍ ينسخُ ذلكَ الحكمَ، فإنه لا يجوزُ التوقفُ ليُطلبَ ناسخٌ عساهُ يكونُ قد وردَ، فضلاً عن أن يجب، كذلك لا يجبُ طلبُ دلالةِ التخصيص.

وكما أنَ الناسخَ يتأخّر فالتخصيصُ يجوزُ أن يتأخر فاذا لم يجب بطلبِ أحدِهما، كذلكَ الآخر.

ومنها: أنَ الصيغةَ موضوعةٌ للعمومِ، والتخصيص متوهَم ومُجَوّز فلا يجوزُ تأخيرُ الاعتقادِ لعمومِه والعملِ به، لتوهّم ما يخصُّه، كما أنَّ أسماءَ الحقائقِ إذا وردت يجبُ اعتقادُ ما يوجبُه الوضعُ والعملُ به، ولا يجبُ التوقفُ لطلبِ دلالةٍ صارفةٍ له عن ظاهرِه وحقيقتِه إلى مجازِه واستعارته.


(١) هو محمد بن أحمد أبي سهل السرخسي، من كبار أئمة الحنفية، صنف "المبسوط"و"الأصول"، وشرح كتب محمد بن الحسن، توفي سنة (٤٨٣ هـ). انظر "الجواهر المضية" ٢/ ٢٨، "الفوائد البهية":١٥٨.
(٢) ظاهر من الأدلة التي يسوقها ابن عقيل أنه يرجّح الرواية الأولى عن الإمام أحمد.
(٣) هو عتاب بن أَسيد بن أبي العيص بن أُمية بن عبد شمس الأموي، أسلم يوم الفتح، واستعمله النبيُّ صلى الله عليه وسلم على مكة لما سار إلى حنين، وأقرّه أبو بكر على مكة.
انظر "الإصابة" ٤/ ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>