للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الدلالةِ على أنَّه يجوزُ تخصيصُ العمومِ إلى أن يبقى واحدٌ (١)، فلا يتخصصُّ جوازُه بأن يبقى أقلُّ الجمعِ وهو الثلاثةُ، وبه قال أكثر أصحاب الشافعي (٢)، خلافاً لأبي بكر الرازي (٣) فيما حكاه الجُرجاني عنه، وأبو بكر القَفّال. يجوزُ تخصيصُ الجمعِ إذا كان الباقي جمعاً حقيقةً، ولا يجوزُ النقصانُ منه إلا لما يجوزُ النسخُ به (٤).

فالدلالةُ على ما ذكرناه: أنَ ما جاز تخصيصهُ إلى الثلاثةِ جاز تخصيصهُ إلى الواحدِ، كمنْ، وما، فإنَّه لو قال: من دخلَ الدارَ؟ أو: من في الدار؟ أو: ما في الدار؟ حسُن جوابه بالواحد من الجنس، كما يحسُن جوابُه بالثلاثةِ، أو بقولِ لفط من ألفاظِ العمومِ، فصارَ تخصيصهُ إلى أن يبقى دونَ الثلاثِ، كمن، وما.


(١) هذا هو المنصوص عن الإمام أحمد وأصحابه.
انظر هذه المسألة وما تبعها من أقوال وأدلة في "العدة" ٢/ ٥٤٤ - ٥٤٧ و"التمهيد" لأبي الخطاب ٢/ ١٣١ - ١٣٥، و"المسودة": ١١٦.
(٢) هذا ما ذكره الشيرازي في "التبصرة": ١٢٥،حيث قال:"يجوز تخصيص أسماء الجموع إلى أن يبقى واحد، في قول أكثر أصحابنا" ونقل الزركشي عن الجويني أنه قال في "التلخيص": إن هذا القول هو قول معظم أصحاب الشافعي. انظر: "البحر المحيط" ٣/ ٢٥٧ - ٢٥٨ و "المحصول" ٣/ ١٢ - ١٤.
(٣) رأي أبي بكر الرازي -وفق ما ينقل عنه- أنه يمنع أن ينقص العام بعد التخصيص عن أقل الجمع، وهو ما رجحه مجد الدين ابن تيمية في "المسوَّدة": ١١٧، وانظر "الإحكام" للآمدي ٢/ ٤١٢، و"البحر المحيط" ٣/ ٢٥٥.
(٤) يرى أبوبكر القفال: أن العام إن كان ظاهراً مفرداً "كمن" و"الألف واللام" نحو اقتل من في الدار واقطع السارق، جاز التخصيص إلى أقل المراتب، وهو واحد، وإن ورد العام بلفظِ الجمعِ جاز إلى أقل الجمع. انظر "الإبهاج شرح المنهاج" ٢/ ١٢٥، "البحر المحيط" ٣/ ٢٥٦ و"التبصرة":١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>