للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في شُبَههم (١)

فمنها: قولُه تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، فجعلَ النبيَّ مبيِّناً لما ينزله من كتابِه، وبيانُه هو سنته.

ومنها: أنَا لو جعلنا السنَة مخصوصةَ بالآية، جعلنا السنَّة أصلاً ومتبوعاً، والقرآنَ تابعاً، وهذا حَطٌّ له عن رُتييه.

فصل

في أجوبتنا عن ذلك

أمَّا الآيةُ: فلا حجَّة فيها؛ لأنَّا قائلون بأنَّه يجوزُ بيانُ ما يحتاجُ إلى بيانٍ من السنَّةِ بالقرآنِ (٢)، وليسَ فيها نفيٌ لما أثبتَته آيتنا من أنَّ القرآنَ تبيان لكل شيءِ، وقد يعتمدُ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - فيما يقولُه من الكلامِ على بيانِ القرآنِ السابقِ لسنّتِه، كما يبينُ ما أشكلَ من القرآنِ بقوله.

وأمَّا قولُهم: فيه حطٌ لمرتبةِ القرآنِ. فبعيد جداً؛ لأن الأقوى قد يقضي على الأدنى، كأخبارِ التواترِ يجوزُ أنْ تُبين بها أخبارُ الآحادِ، ولا تنحط رتبتُها عن العلمِ ولا تصيرُ تابعةً لأخبارِ الآحادِ الموجبةِ للظنِّ، ودليلُ العقل يخصُ أدلَّةَ الكتابِ والأخبارَ، ولا يدل على أنَّ أدِلةَ العقلِ منحطةٌ بذلكَ عن كونِها هي الأصلُ في إثباتِ الصانعِ والنُّبوَّات، ولأنَّ الذي ينطقُ به النبي - صلى الله عليه وسلم - من العمومِ عن وحي إلى قلبِه - صلى الله عليه وسلم - ثمَّ ينزل عليه القرآنُ كاشفاً لتخصيصِ الوحي الأوَّلِ (٣).


(١) انظر الشبه التي يحتج بها المخالفون في: "التبصرة": ١٣٦، و"الإحكام" للآمدي ٢/ ٤٧٠ - ٤٧١، و"البحر المحيط" ٣/ ٣٧٩، و"العدة" ٢/ ٥٧١ - ٥٧٢، و"التمهيد" لأبي الخطاب ٢/ ١١٤ - ١١٥.
(٢) في الأصل:" من القرآن "، والمثبت أنسب لاستقامة السياق.
(٣) انظر" الإحكام " للآمدي ٢/ ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>