للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في شُبَههم

فمنها: أنَّ الصحابيَّ يتركُ مذهبَه وقولَ نفسِه للعمومِ، ألا ترى أنَّ ابن عمر كان يخابرُ أربعينَ عامَاً لا يرى به بأساً، [قال] (١): حتى أتانا رافعُ بنُ خَديج، فأخبر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المخابرة، فتركناها بقولِ رافعٍ (٢).

فيقال: إنَه تركَ قولَه بالنصِّ، ولأنَّ مخابرتَهم لم تكن عن اجتهادٍ، لكنْ عملوا بالأصلِ، وأنَّه الإباحةُ، وأخذُ المال بالتراضىِ إلا ما نهاهم الشرعُ عنه (٣)، فلما جاءهم خبرُ الواحدِ كان ناقلاً عن حكمِ الأصلِ.

ومنها: أنَّ الخبرَ حجةٌ، فلا يُخصُ بفتوى مُفتٍ، كفتوى غيرِ الصحابةِ من الفقهاءِ.

فيقالُ: إنَّ آحادَ الفقهاءِ ليس قولُهم حجةً بخلافِ الصحابةِ.

فإنْ قيلَ: فما تقولون في تفسيرِ التابعيَّ، وقولِه، هل يخصُ به العمومُ؟

قيلَ: لا يُخصُ به، ولا يفسَّرُ به؛ لأنه ليسَ بحجةٍ؛ لأنَّ أحمدَ قَصَرَ التخصيصَ على قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه، وعنه: جوازُ ذلكَ.

وروي عنه: يَأخذُ بما جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعن أصحابِه، وهو مع التابعين مخَيَّرٌ.

فقد (٤) حَطَّ رُتْبةَ التابعينَ عن رتبةِ الصحابةِ؛ لأنَّهم لم يَشهدوا التنزيلَ، ولا عاينوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وقد قالَ: لا يكاد يَجيءُ شيءٌ عن التابعينَ إلا يوجد عن أصحابِ النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - (٥).


(١) زيادة يستقيم بها السياق.
(٢) تقدم تخريجه في الصفحة: ٢٢٠ من هذا الجزء.
(٣) تحرفت في الأصل إلى: "علية".
(٤) تحرفت في الأصل إلى: "فقط".
(٥) انظر "العدة"٢/ ٥٨٢ - ٥٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>