للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ويجبُ الأخذُ بتفسيرِ الراوي للَّفظِ المرويِّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والعملُ به إذا كان مفتقِراً إلى التفسيرِ (١)، مثل قولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "المتُبايعانِ بالخيارِ ما لم يَتفرّقا" (٢) يتردّدُ بينَ الافتراق بالأقوالِ أو الأبدانِ، فكان ابنُ عمر يقومُ من مجلسِ العقدِ، فكان قيامه تفسيراً للافتراقِ، وأنَّه بالأبدانِ دونَ الأقوالِ، ومثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الشهرُ تِسعٌ وعشرون، فصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمّ عليكم، فاقدروا له" (٣)، فكانَ ابنُ عمرَ إذا كان في السماءِ غيمٌ أو قَتَرٌ في ليلةِ الثلاثينَ أصبحَ صائماً (٤). فكأنَّه فسر ذلك بالضيقِ، فَضَيَّقَ شعبانَ لشهرِ رمضانَ توسعةً للصومِ، وتفسيرُ عمرَرضي الله عنه لقولِ النبي- صلى الله عليه وسلم -: "الذهبُ بالوَرِق رِباً إلا هاءَ وهاء، والشعيرُ بالشعير رباً إلا هاء وهاء، والبُرُّ بالبُرَّ رباً إلا هاء وهاء" (٥)، فإنَّ المرادَ بهاء وهاء: التَقابُض في مجلسِ العقدِ (٦)، والدليلُ على تفسيرِهِ بذلكَ ما رواهُ مالكُ بن أوس بن الحَدَثان، أنَّه قال: التمستُ صَرفاً بمئةِ دينارٍ, فدعاني طَلحةُ بنُ عبيد الله، فَتراوضنا (٧) حتى اصطَرف منّي وأخذَ الذهبَ يقلِّبها في يدِه، ثمَّ قالَ: حتى يأتيَ خازني من الغابةِ. وعمرُ بن الخطاب يسمعُ، فقال: واللهِ لا تفارقه حتى تأخذَ منه. وروي أنَّه قال لطلحةَ: لا


(١) انظر هذا الفصل في "العُدة" ٢/ ٥٨٣، و"المسوَّدة": ١٢٨.
(٢) تقدم تخريجه ٢/ ٤٤.
(٣) تقدم تخريجه ١/ ١٩٤.
(٤) أخرجه أحمد ٢/ ٥، ١٣، وأبود اود (٢٢٢٣).
(٥) أخرجه دون ذكر سبب الإيراد: أبوداود (٣٣٤٨)، والدارمي ٢/ ٢٥٨، والنسائي ٧/ ٢٧٣.
وسيأتي تخريجه مع سبب الإيراد بعد قليل.
(٦) انظر "النهاية في غريب الحديث" ٥/ ٢٣٧.
(٧) من المراوضة، وهي: المجاذبة في البيع والشراء. "النهاية في غريب الحديث" ٢/ ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>