للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شبهةٌ: هذا أحدُ التخصيصين، فلم يدخل على الأخبارِ، كتخصيصِ الأزمانِ، وذلكَ أنَّ تخصيصَ الأزمان و [الأعيان] (١) جميعاً يكشفان عن المرادِ، فهذا يخرجُ بعضَ الزمانِ بعد أن كان ظاهرُه الشمولَ والاسَتغراقَ، فإذا لم يَجُز أحدهما لم يَجُز الآخرُ.

فيقال: بل يجوزُ نسخُ الخبرِ -وهو الوعيد- يجوزُنسخه بالعفوِ، وقد تبجَّحت به العربُ، فقالوا: وإنِّي إذا أوْعَدْتُه أو وَعَدْتُهُ ... لَمُخْلِفُ إيعادي ومُنْجِزُ مَوْعدي (٢) إنَّ النسخَ رفعٌ للحكمِ وإزالةٌ لجميعِ مقتضى اللَّفظِ، فرفعُه يكشفُ عن الخبرِ أنَّه كان كذباً، وذلكَ لا يجوزُ على الشرعِ، ولا يحسُن من أحدٍ من المتكلمينَ بالخبر, ويكشفُ ذلكَ أنَّه لما قال لإبراهيمَ: اذبح واحِدَك أو ولَدَك -على الخلافِ في النقل- حَسُنَ أن ينسخَ ذَبْحه إلى ذبح الذِّبح (٣)، ولو قال: ذبحَ إبراهيمُ إسماعيلَ أو إسحاقَ، لم يَجُزْ أن يَنْسَخ ذلك بدليلٍ يوضِّح أنَّه لم يذبحه، حتى إنَّ النسخَ يكون بالخلافِ، فقال قومٌ: هو البداء على الإطلاقِ، ومنعوا جوازَه على الله سبحانَه، وقومٌ منعوا منه قبلَ وقت الفعلِ، وظنوه بَدَاءً، وما استقْبَحَ أحد تخصيصَ العموم، فلا تساوي بينهما (٤).

فصل

إذا وردَ الخطابُ من صاحبِ الشرعِ بناءً على سؤالِ سائل، نظرتَ: فإن لم يكن مستقلاً بنفسِه بحيث لو قُطِعَ عن السؤالِ وأُفرد عنه لم يكن مفهوماً، مثل قوله لأبي بُردة بن نِيار لما سأله عن ذبحِ أضحيته قبلَ الصلاة، وأنَّه لا يجد إلا عناقاً جذعةً:


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) البيت لعامر بن الطفيل، والوعد عادةً يستعملُ في الخير، والإيعاد يستعمل في الشر، تقول: وعدتُه خيراً وأوعدته شرّاً. انظر "اللسان": (وعد).
(٣) وذلك بقوله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}، [الصافات: ١٠٧].
(٤) انظر "العدة"٢/ ٥٩٥ - ٥٩٦، و"التبصرة": ١٤٣، و"المسودة": ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>