للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١]، وليس الأخوانِ إخوةً في لسانِ قومِكَ. فقالَ عثمانُ: لا أستطيعُ أن أنقضَ أمراً كان قبلي، وتوارثه النَّاسُ، ومَضَى في الأمصارِ (١). ولولا أنَّه مقتضى اللغةِ لما احتجَّ به ابنُ عباس، ولما سمعه عثمانُ منه، وما قابله عثمانُ إلا بمجرّدِ سيرةِ غيرِه، وما نازعَه في مقتضى اللفظِ، وهما من فصحاءِ العربِ وأربابِ اللسانِ.

فإن قيل: فقد رُويَ خلافُ ذلكَ عن زيدِ بن ثابت، فقال: الأخوانِ إخوة (٢).

ورويَ عنه أنَّه قال: أقلّ الجمعِ اثنانِ (٣). فتقابلَ القولان.

قيل: إن صحَ ذلك عنه؛ فمعناهُ: أنَّهما يجريانِ مجرى الجمعِ في حَجبِ الأمِّ.

وقولُه: أقلُّ الجمعِ اثنان، يعني أوّل وأقلُّ ما يجتمعُ شيءٌ إلى شيءٍ، فهذا من الاجتماعِ، فأمَّا الجمعُ؛ فإنَّه ليسَ من التثنيةِ في شيءٍ من حيثُ اللغةُ والوضعُ.

ومنها: أنَّ أهلَ اللغةِ فرَّقوا بين الواحدِ والاثنينِ والجمعِ، فقالوا: رجلٌ، ورجلانِ، ورجالٌ. وأوقعوا اسم رجال على ما زادَ أيضاً على الثلاثةِ وإن كثرَ، فلو كانَ اسمُ الاثنينِ جمعاً كالثلاثة، لقالوا في الاثنين: رجالٌ. كما قالوا: رجالٌ، في الثلاثةِ وما زادَ عليها من الأعدادِ.

فإن قيل: ليس انفرادُ الاثنين باسم خاص مانعاً من أن يجتمعَ مع الثلاثةِ في الاسمِ الأعمِّ، وهو الجمعُ، كقولنا: أسدٌ, اسمٌ يخصُّ البهيمةَ المخصوصةَ (٤)، ثم إنَه لا يمنعُ ذلك من اجتماعِه وغيرِه في الاسمِ الأعمِّ، وهو سَبُعٌ، فالاثنانِ تحتَ ما زاد عليها، كالأسدِ تحت الاسمِ الأعمِّ، وهو السبُع الموضوعُ للجملةِ.


(١) تقدم تخريجه في الصفحة ٢٦٩ من هذا الجزء.
(٢) أخرجه البيهقي ٦/ ٢٢٧، والحاكم ٤/ ٣٣٥.
(٣) انظر "الإحكام" للآمدي ٢/ ٢٢٦، و"التمهيد" لأبي الخطاب ٢/ ٥٩.
(٤) في الأصل: "المخصوص".

<<  <  ج: ص:  >  >>