للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنَّ النسخَ يجوزُ تأخيرُه عن المنسوخِ، فكذلك الاستثناءُ، والجامعُ بينهما: المعنى، وأنَّ كل واحدٍ موضوعٌ للإخراج والرفعِ والإزالةِ.

فيقالُ: إنَّ النسخَ إنما يقعُ في غالبِ الحالِ لأجل اختلاف الأزمان في المصالِح والمفاسدِ، وإنَ بعض التَعبداتِ تكون مصلحةً في وقت ومفسدةً في غيره، فصارَ الناسخُ جملةً، والمنسوخُ جملةً أخرى، فلا يجبُ الاتصال، بل لو كان الناسخُ متصلاً لكانَ بيانَ غايةٍ، ولم يكنْ نسخاً، ولهذا لم يجعل العلماءُ قولَه تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] منسوخاً وناسخاً، بل سموا ذلك غايةً، وفي الغالبِ أنَّه يكونُ بينهما زمانٌ يختلفُ الأصلحُ فيه بين الإثبات والرفعِ، وعقبه يكونُ إما بيانَ غايةٍ، أو عين البَداء (١).

فصل

والدلالةُ على فسادِ قولِ مَن علَّقَه على المجلس:

أنَّهما جملةٌ واحدةٌ -أعني المستثنى منه مع المستثنى- فلا يقفُ على المجلسِ، كالشرطِ والجزاء (٢)، أو الخبرِ والمبتدأ.

شبهةُ الحسن (٣): أنَّ المجلسَ في الأُصولِ جُعل كحال الكلام، ولهذا عُلقَ عليه قبضُ رأسِ مالِ السَّلَم، وثمنِ الصرَف.

فيقال: ذاك تعبُّد، لا يُعقلُ معناه، فأينَ هو من صلةِ الكلامِ بعضه ببعضٍ من طريق اللغةِ، والوضعِ، بل تشبيهه بما ذكرنا من الشرطِ والجزاءِ، أو الخبرِ والمبتدأ أولى.


(١) والبداء لا يجوز على الله سبحانه وتعالى، وهو ما سيورده المصنف في الصفحة ٢١٤ من الجزء الرابع.
(٢) تحرفت في الأصل إلى: "الخبر".
(٣) أي: البصري، رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>