للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنَّ دعواكم أنَّه لم يوجدْ في لغة العرب، فكيف يصحُ ذلك منكم؟

والشاعرُ يقول:

أذُوا التي نَقَصت تسعين من مئةٍ ... ثم ابعثوا حكماً بالحق قَوّالا (١)

وهذا في معنى الاستثناء؛ لأن تقديره: مئةٌ إلا تسعين، قالوا: ولأنّا لم نسمع منهم إلا الاستثناء في كل جنسٍ وكلِّ عددٍ، ثمَّ إننا حكمنا بالاستثناءِ فيما لم نَسمع استثناءَهم فيه، على ماسَمعنا.

ومنها: أن دعواكم أن كلامهم على الاختصارِ [فيها نظر] (٢)؛ فإنه ينقسمُ تارةً إطالةً، وتارة تقصيراً، وتارةً اختصاراً، وتارةً تكريراً، وهذا يوجدُ في تكرارِ القصص في كتابِ الله تعالى، والتأكيدات في لغتهم، ونفسُ الاستثناءِ تطويلٌ وتكثيرٌ يمكن تركه إلى ذكرِ العدد الأدنى، دون ذكرِ الأعلى والأكثرِ، ثم الاستثناء منه.


(١) هكذا في الأصل، ورواية البيت في المصادر"سبعين "، والبيت من قصيدةِ لأبي مُكْعِث منقذ ابن خُنيس أخي بني مالك، وكان من خبرها أن غلاماً من بني سعد قتل غلاماً من بني مالك، فخرجت بنو مالك وأخذوا السعدي، فقتلوه، فاحتربت بنو سعد بن ثعلبة وبنو مالك، فمشت الشعراء بينهم، فقال سعد بن ثعلبة: لا نرضى حتى نُعطى مئة في صاحبنا، ويُعطى بنو مالك سبعين -فغضب لهم بنو أسد بن مالك، فقال، أبومكعث:
إنَّ الذين قتلتم أمسِ سيدَهم ... لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما
من يولهم صالحاً نُمسك بجانبه ... ومن يضِمهُم فإيانا إذن ضاما
أدّوا الذي نقصت سبعين من مئة ... أو ابعثوا حكماً بالحق علاما
وقوله: أدو الذي ... أي: أدونا مئة كاملة."شرح شواهد المغني" ٧/ ٢٢٩ - ٢٣٠، و"أمالي ابن الشجري" ١/ ٣٢٢.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>